اعتاد التاريخ أن يشهد قضايا مزعجة حقيقية تفوق قدرة العقل البشري على تصور فظاعتها من شدة روعها ووحشيتها المطلقة (يُذهل الإنسان أمامها)، ولا تُغادر ذاكرته لعقود إذ تخلّف في داخله تساؤلاتٍ بلا أجوبة، وفي هذه المقالة سنلقي نظرة على واحدةٍ من أغرب القضايا التي تصدرت عناوين عام ٢٠٢٢، وما زالت مستمرة حتى اليوم: قضية "تانغمو نيدا"، فماذا حدث؟ أكانت قضيتها حادثًا قدريًا، أم مؤامرة محكمة؟.
تفاصيل اختفاء تانغمو نيدا:
عن عُمر يناهز السابعة والثلاثين اختفت تانغمو نيدا ليلة الخميس (٢٤ فبراير ٢٠٢٢) بعد سقوطها حوالي الساعة ١٠:٣٤ مساءً من قارب سريع في نهر تشاو فرايا في بانكوك بالقرب من منطقة موينج في نونثابوري عندما كانت برفقة خمس أشخاص آخرين (امرأتان وثلاثة رجال) يقومون بجولة بحرية، وهم الذين أبلغوا عن اختفائها زاعمين أنها سقطت أثناء محاولتها التبول في الجزء الخلفي من القارب (كانت تجلس في مؤخرته).
أجرت الشرطة عملية بحث عنها، وبعد بحث دام ٣٨ ساعة (يومين) عثر رجال الإنقاذ على جثة تانغمو هامدة الساعة ١:١٠ بعد الظهر يوم السبت ٢٦ فبراير ٢٠٢٢ بعد سقوطها بلا حياة.
كانت الجثة طافية في النهر على بعد حوالي ٣٠٠ متر من رصيف بيبول سونغكرام في مقاطعة نونثابوري (على بعد كيلومتر واحد من المكان الذي سقطت فيه من القارب) ثم نُقلت جثة المرحومة إلى الرصيف حيث كانت والدتها وحبيبها وأصدقاؤها هناك في انتظارها، وهم يصلّون معًا من أجل عودتها سالمة) بعدها نُقلت الجثة للفحص في مستشفى الشرطة العام لتحديد سبب الوفاة.
![]() |
بوجهٍ قلقٍ وإنهاك شارك تونو باكين (زوجها السابق) منذ يوم الحادث في عمليات البحث عنها. |
أسماء المتهمين في قضية تانغمو نيدا:
١. إيتسارين جوثاسوكساوات (المعروفة باسم جاتيك أو كراتيك): هي المديرة الشخصية لتانغمو وصديقتها المقربة لمدة طويلة (جاتيك هي الأم البيولوجية "لإيستر" ابنة تانغمو بالتبني).
![]() |
كتبت تانغمو عام ٢٠١٦م في رسالة لها لجاتيك: «لقد نضجت بسبب رؤيتي لحب الرب الحقيقي المتجسد في هذه الفتاة، أنا أحبكِ». |
٢. ويسابات مانوميرات (المعروفة باسم ساند): هي المديرة الشخصية الثانية لتانغمو (ساند امرأة متحولة جنسيًا).
![]() |
نشرت ساند صورة لها مع تانغمو بتاريخ ١٣ مارس ٢٠٢٢ (بعد الحادث) وكتبت فيها: «أنتِ ستبقين دومًا في قلبي للأبد». |
٣. تانوفان ليرثاويويت (المعروف باسم بور): مالك القارب السريع وهو المدير التنفيذي لمجموعة TNP، وشركة بيع السيارات المستعملة والسياحة (صهر لرئيس شرطة قوي).
٤. بايبون تريكانجنانون (المعروف باسم روبرت): ربان (قبطان) القارب وهو الرئيس التنفيذي لشركة أوريسما للتكنولوجيا المحدودة المختصة بالتسويق عبر الإنترنت.
٥. نيثات كيراتيسوثيساثورن (المعروف باسم جوب): صديق مشترك بين الأطراف وهو شريك في سلسلة محلات الحلاقة "بلاك أمبر".
٦. تانغمو نيدا (الضحية): للاطلاع على نبذة حياتها، [اضغط هنا].
* ملاحظة: جميع الشخصيات المذكورة تنتمي للمجتمع الراقي (هم شخصيات بارزة تمتلك القوة والمال).
روايات شهود العيان المتضاربة عن الحادث:
١) أكدوا أن مرحاض القارب لا يعمل بشكل صحيح (مكسور ويُستخدم للتخزين) لذلك ذهبت تانغمو إلى مؤخرة القارب لقضاء حاجتها (دون إبلاغ سائق القارب)، ومن هناك بينما كانت الأنسة (ساند) تسترخي مشغولةً بهاتفها المحمول أخبرتها تانغمو بأنها تريد أن تتبول، فلم ترفع ساند رأسها حتى لا تشاهدها في ذلك المنظر (وهي تتبول) أما تانغمو فتمسكت بساقي ساند ثم جلست بوضع القرفصاء لتتبول، وعندما انتهت من قضاء حاجتها (التبول) وقفت وفقدت توازنها، فسقطت للخلف في النهر عن طريق الخطأ فصرخت ساند طلبًا للمساعدة، فسمع السائق صراخها بعد وقت طويل بسبب صوت المحرك والموسيقى الصاخبة، فتنبه وعلم بعدها الأصدقاء في القارب أنها اختفت (سقطت) فقام السائق بتغيير مسار القارب للبحث عن تانغمو لمدة ساعة، ولكن لم يكن هناك أي أثر لها ثم أبلغوا الشرطة التايلندية البحرية التي أرسلت مجموعة من الغواصين (شرطة الإنقاذ) للبحث عنها.
وفي رواية أخرى قالت بأن السائق قام بزيادة السرعة فجأة دون أن يعلم أن تانغمو كانت في مؤخرة القارب، فاختلت ساند ووقعت بذلك تانغمو كردة فعل على السرعة، وتارةً قيل إن أرضية القارب كانت مبتلة وبما أن تانغمو كانت ترتدي كعبًا عاليًا، فإنها انزلقت من القارب.
*معلومة: تانغمو لم تكن تعرف أغلب الرجال الموجودين في القارب معرفةً شخصيةً عميقة، بل كانت علاقتها بهم سطحية فقط.
٢) تصرفوا بغرابة مثيرة للشك، وقدموا روايات متضاربة عن الحادث على سبيل المثال قال أحدهم إنه لا يعرف كيف سقطت تانغمو في الماء في حين أصر آخر بأنهم جميعًا رأوها بأعينهم تسقط في الماء: «رأيناها جميعًا بأعيننا تسقط في الماء»، وازداد ارتباكهم أكثر عندما قال أحدهم إن جاتيك فجأة طلبت منهم الابتعاد عن مكان الحادث. علاوة على ذلك شهدت ساند بأنها لم تكن تعلم في البداية أن تانغمو قد سقطت بالفعل حتى سمعت صرختها طلبًا للمساعدة (وهنا يطرح التساؤل: كيف لم تعرف ذلك بينما أزالت تانغمو يديها من ساقي ساند؟)، وأكدت جاتيك أن تانغمو ربما غرقت لأنها لا تعرف كيفية السباحة، وزعمت أنهم نصحوا تانغمو بارتداء سترة النجاة لكنها رفضت لأنها كانت تريد التقاط الصور.
عندما سُئلت ساند عن سبب عدم انتظارها لتانغمو قالت: «اعتقدتُ أنها ستجد قاربًا عابرًا، ومن خلاله ستطلب أن تُؤخذ إلى الشاطئ»، وزعمت الأنسة ساند أن جاتيك شاهدت محاولة تانغمو التمسك بقدمها قبل التبول وبعد السقوط بينما أنكرت جاتيك هذه الأقوال، وعندما تم سؤال كراتيك عن سبب عدم نزولها إلى الماء لإنقاذ تانغمو أجابت بأنها لا تستطيع السباحة!.
![]() |
(صور تُظهر أنها كاذبة في ادعائها بعدم قدرتها على السباحة). |
٣) عندما سُئل مالك القارب السريع (بور) عن سبب تأخره في الإبلاغ عن سقوط تانغمو قال إنهم حاولوا البحث عنها، وبما أنه كان لا يزال في حالة من الصدمة بعد ما حدث لم يُبلغ بالحادث مباشرةً، وأصر على أنه لم يستطع في البداية سماع صراخ وبكاء ساند بسبب صوت المحرك والموسيقى الصاخبة للغاية، وشدد على أن القارب لم يكن يسير بسرعة مفرطة، وأن المرحاض كان يُستخدم للتخزين، وأن هناك سترات نجاة على متن القارب لكن لم يكن أي من الركاب يرتديها لأنهم لم يكونوا يعرفون مكانها ثم اعتذر وأعلم بأنه لم يكن لديهم أي نية للاختباء.
٤) اعترف بور بأن الجميع كانوا يشربون النبيذ لكنه أصرّ على أنهم لم يكونوا في حالة سُكر في المقابل اعترضت جاتيك وادّعت بأنها لم تشرب، وصرّحت بأن الآخرين في الواقع شربوا أكثر من ثلاث زجاجات من النبيذ.
تُعتَبَر قضية وفاة الممثلة التايلاندية "تانغمو" غامضة لأسباب عدّة، وأحد أبرزها ما يلي:
١) اللباس الذي كانت ترتديه: كانت تانغمو ترتدي بدلة ضيقة لا تحتوي على سحّابات أو أزرار في الجزء السفلي (يصعب فتحها من الأسفل للتبول،)، ولأداء هذه الحاجة كان لا بد من خلع البدلة بالكامل من الأعلى أو على الأقل خلع الجزء العلوي منها مما يؤدي إلى انكشاف الثدي، فكيف يُعقل أن تحاول تانغمو التبول بهذه الطريقة بينما القارب لا يزال في حالة حركة؟ الغريب أنها لم تنتظر حتى الوصول إلى الرصيف الذي كان يبعد كيلومترًا واحدًا فقط (مدة لا تتجاوز خمس دقائق)، وفضّلت بدلًا من ذلك الإقدام على تصرف يمسّ بصورتها الفنية؟.
*معلومة إضافية: عندما تم العثور على جثة تانغمو كانت لا تزال ترتدي البدلة كاملة، ولم يُلاحظ خلع أي جزء منها كما أن الوشاح الأبيض الذي كانت ترتديه فوق البدلة كان مفقودًا، ولم يُعثر عليه.
٢) تانغمو كانت معروفة بمهارتها الجيدة في السباحة، فكيف يُعقل أنها لم تتمكن من السباحة لمسافة قصيرة لا تتجاوز الكيلومتر للوصول إلى الرصيف القريب خاصة إن كانت كما زُعم لا تزال واعية وتتنفس بعد سقوطها؟ وإن كانت في وعيها فعلاً، فكيف لم يستطع أيٌّ من الموجودين على القارب رؤيتها أثناء بحثهم الذي استمر قرابة ساعة كاملة؟.
٣) حاولت والدة تانغمو التواصل مع جاتيك (مديرة أعمال تانغمو) للاستفسار عن حادث ابنتها لكنها لم تردّ على الاتصال، ولم تُعِد التواصل بها لاحقًا، وعندما سُئلت جاتيك عن سبب تجاهلها ادعت بأنها لا تعرف والدة تانغمو شخصيًّا رغم أنها كانت على علاقة مقربة بوالدها، وأضافت بأنها لم ترَ فائدة من حضور الأم إلى مكان الحادث معتقدة أن ذلك لن يُحدث فرقًا، ولذلك لم تُبادر بالاتصال بها.
٤) جميع المتهمين الذين كانوا على متن القارب وُجدت على أجسادهم جروح بدرجات متفاوتة كما وُجدت آثار رمال في أحذيتهم، وهو أمر يثير التساؤلات حول ما إذا كانوا قد نزلوا إلى الشاطئ أو مرّوا بظروف غير مذكورة في روايتهم الرسمية لما حدث على متن القارب.
٥) عندما تم الإبلاغ عن سقوط تانغمو لم يُحدّد مكان سقوطها بدقّة، بل اكتفوا بقول: « لقد سقطت في نهر تشاو فرايا» وحينما طُلب منهم تحديد الموقع بدقة كانت المفاجأة أن كل فرد من الموجودين على القارب أشار إلى موقع مختلف عن الآخر.
٦) بعد الحادث غادر الجميع من القارب إلى منازلهم مباشرةً مع وصول فريق الإنقاذ دون انتظار حضور الشرطة لتسجيل أقوالهم كأنهم كانوا على دراية مسبقة بأن البحث لن يُفضي إلى العثور عليها، والأكثر غرابة أن جميع المشتبه بهم اختفوا بشكل مفاجئ لمدة تقارب أربع وعشرين ساعة كاملة دون أي إشعار أو تفسير.
عندما سُئلوا عن سبب مغادرتهم وعدم انتظارهم ادّعوا أن لا حول لهم ولا قوة، وأنهم لم يكن بيدهم شيء يفعله، وظنّوا أن تانغمو ستكون بخير طالما أن البحث جاري عنها. جاءت ردودهم متناقضة ومثيرة للريبة: جاتيك قالت بصراحة: «اشتقت لطفلتي فذهبت إلى المنزل (حيث تعيش مع تانغمو في نفس البيت). استخدمت سيارة تانغمو ثم استحممت وفي اليوم التالي لم أفكر بالتحدث إلى الشرطة. لم أكن أعرف إلى أين أذهب و ظننت أنها ستعود إلى المنزل، لذا انتظرت هناك!» أما ساند فأجابت: «عدت إلى المنزل حوالي الساعة الثانية أو الثالثة، كنت أعاني من ألم في عينيّ، فاعتقدت أنني يجب أن أرتاح أولًا ثم أعود لها عندما أشعر بالتحسن. أنا آسفة، لم أعد أبدًا».
![]() |
تُظهر لقطات المراقبة أن جاتيك لم تكن هي التي تقود سيارة تانغمو، بل كانت تجلس في مقعد الراكب، وكانت هناك سيارة بيضاء مجهولة المصدر تتبعها. |
* دائمًا ما ظهرت جاتيك بشكلٍ مريبٍ خاليةً من أدنى مشاعر الحزن حتى أنها صرّحت بأنه لا سبب يدفعها إلى التآمر ضد تانغمو لأن وفاة تانغمو تعني فقدان مصدر دخلها (وظيفتها التي تعيش منها).
** الأمر الأكثر فظاعة هو أن جاتيك ظهرت إعلاميًا مرتدية نفس النظارة التي كانت تانغمو تستخدمها في يوم الحادث، وبسبب ذلك اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالجدل والبحث حتى اكتشفوا أنها مرات عدة ارتدت ثياب تانغمو (نفس الستايل تمامًا) كما لو أنها تحاول أن تسرق هويتها.
٧) قامت تانغمو في آخر مقطع تم تصويره لها على القارب بعمل إشارة طلب المساعدة، وهي إشارة تُستخدم لتنبيه الآخرين بأنها تشعر بالتهديد وتحتاج إلى المساعدة.
![]() |
إشارة النجدة / إشارة المساعدة: هي حركة بيد واحدة يمكن للفرد استخدامها لتنبيه الآخرين بأنه يشعر بالتهديد ويحتاج إلى المساعدة سواء عبر مكالمة فيديو أو وجهًا لوجه. |
٨) حذفت جاتيك آخر الرسائل الشخصية التي كانت موجودة على هاتف تانغمو، وكذلك حذفت عدة صور منه ومن حساب الإنستقرام (٦ صور) ثم قامت بتغيير الوقت الزمني للصور (تحرير التوقيت) قبل إعادتها للشرطة بعد يوم واحد من الحادث كما ادعت جاتيك أنها كانت متواجدة في مكان الحادث حتى الساعة الخامسة صباحًا لكن لقطات المراقبة تُظهر أنها غادرت في الساعة الواحدة صباحًا، والأغرب من ذلك أن جميع المشتبه بهم بعد مغادرتهم الميناء بسياراتهم تجمعوا بشكل متسلل لاحقًا في محطة وقود لمناقشة أمر ما بالإضافة إلى وجود شخص غامض معهم.
٩) ظهرت ساند في بث مباشر على الإنستقرام تشرح ما حدث معها، وخلال حديثها لم تفارق الابتسامة شفتيها قائلة: «ليس الأمر أنني لست حزينة لكن الناس لا يحتاجون لإظهار كل المشاعر على وجوههم، أريد أن يغير الناس طريقة تفكيرهم، وأعلم أنني لست شخصًا فظيعًا كما تعتقدون»، وكانتا بعد مغادرتهن (ساند وجاتيك) زيارة مركز الشرطة تذهبان إلى حفلات شرب.
![]() |
كتبت: «الأشخاص الذين ينتقدون بشكل سلبي، أنظروا إلى العالم بطريقة إيجابية. تعلّموا أن تنظروا إلى الحياة من منظور إيجابي حتى تكون الحياة سعيدة معكم». |
١٠) تصرُّفات وردود والدة تانغمو غامضة ومشبوهة بدأت بانتقاد سلوك كل من كان على متن القارب، وكانت متأكدة أن وفاة ابنتها لم تكن مجرد حادث إذ افترضت أن تانغمو قد بيعت لشخص ما في «دعارة»، وأن الرحلة لم تكن فقط من أجل المرح أو جلسة تصوير لعمل ما كما زعموا فسعت جاهدة لتحقيق العدالة لابنتها، وفي تاريخ ٢٦ فبراير ٢٠٢٢م زعمت تعرضها للترهيب من قِبل شخص غريب وضع لها قرصًا مضغوطًا يحتوي على ألبوم فرقة الروك «Enter Sandman» مع رسالة غريبة (أوراقٌ مليئة برسومات مربكة) أمام باب منزلها (هذه الفرقة تميزت بأغنية تحمل مشهد غرق أما الأوراق فقد تم التمكن من معرفة تسع كلمات منها: «البطيخ»، «تانغمو»، «اسم النهر»، «راهبة»، «يمكن أن تنزلق»، «ساق»، و«دمية»).
لكن في ٤ مارس ٢٠٢٢م تغير موقفها بشكل جذري حيث قبلت اعتذار بور وروبرت. أبدى بور نيته في أن يكون كابن لها وادعى أنه سيعتني بها ماليًا مستقبلًا، فقبلت والدة تانغمو هذا الاقتراح علنًا، واتفقوا على أموال التسوية على افتراض أن تانغمو لا تزال على قيد الحياة لمدة ثلاثين عامًا أخرى، ويقدر دخلها بحوالي ثلاثين مليون بات (قُدّم هذا المبلغ كتعويض ووافقت الوالدة عليه)، وقد نفت الوالدة أنها سامحتهم بناءً على التعويض، وأصرت على أن بور كان متفهمًا واعتذر لها منذ وقوع المأساة لذلك سامحته، وبعد ذلك كتبت رسالة بخط يدها تطالب الجميع بعدم التحقيق في القضية مرة أخرى.
بعد ذلك انتشرت صور وفيديوهات على صفحة تانغمو في فيسبوك مصحوبة بتعليقات غريبة وغامضة، وهي كالتالي:
في تاريخ ٢١ مايو ٢٠٢٢ كانت الصورة الأولى لجاتيك وهي تلوح بيدها موجّهة إلى مقدمة القارب، والتعليق عليها كان:«لقد أذيتُ من صديق أحببتهُ ووثقتُ به» أما الصورة الثانية فكانت جماعية والتعليق عليها: «لم نذهب إلى أي مكان، ما زلنا ننتظر الحقيقة من فم الأشخاص الخمسة لكن إذا لم يقولوا الحقيقة، سنكشفها للجميع ليعرفوا في نفس الوقت ما حدث على متن القارب! حُذفت بيانات الجوال، لا تعتقدوا أنه لا يمكنني استعادتها يا صديقي العزيز!».
وانتشر في القصص (الأستوري) صور منها صورة للمحرك، وصورة أخرى لتانغمو مكتوب عليها: «جميعًا لا تتركوا تانغمو، تانغمو ستجعل الحقيقة تظهر، تانغمو لا تريد شيئًا سوى الحب الذي الجميع يعطيه لها الآن».
ثُم نُشر فيديو عليه تعليق يقول: «لا يمكننا التبول في الجزء الخلفي من القارب حتى أن القارب يصطدم بالأمواج وقالت إنها تمسكت بأذرع الرجلين"لا أستطيع التحدث لذلك لا لوم لي صاحبي"» ثم علقت أيضًا تحت الفيديو بصورة تُظهر «حبوبًا تسقط من الأعلى إلى فم فتاة».
* حذفت شركة فيسبوك حسابات تانغمو، وأكد محامي والدة تانغمو أن والدتها ليست معتادة على استخدام حسابات التواصل الاجتماعي كما صرحت والدة تانغمو بأنها لا تعلم من يستخدم هاتف ابنتها مشددة على العواقب القانونية المترتبة على ذلك.
بِتاريخ ٢٢ مايو ٢٠٢٢م تم إنشاء حساب فيسبوك جديد باسم تانغمو، وشارك من خلاله عدة صور وفيديوهات منها: الصورة الأولى مكتوب عليها: «هذه المزيد من الحقائق قبل أن تحرقنا، أغلقوا حسابي على فيسبوك لكن لا تعتقدوا أنكم ستستطيعون إغلاق فمي يا صديقي العزيز» أما الصورة الثانية فكتب عليها: «ساقي تؤلمني، كيف يمكنني الجلوس في مؤخرة القارب يا صديقي» والصورة الثالثة كتب عليها: «هذا الأخ أراد أخذي إلى الفندق، سألته لماذا نذهب؟ قال إنه سينتظر صديقه إذ كنت تريدين أن تعرفي ماذا أفعل، يجب عليك أن تتبعيني».
أما الصورة الرابعة فكتب عليها: «الساعة ٨:٣٥ دقيقة، هذه الصورة الأخيرة التي صورتها تلك الليلة من التقطها الساعة ١٣ :١٠ يا صديقي العزيز؟» أما الصورة الخامسة فكتب عليها: «الأشخاص الذين كانوا يجلسون في الجزء الخلفي من القارب هم أنتم يا صديقي العزيز منذ الساعة ٨:٤٥ لم أكن في القارب. إذا أراد أي شخص رؤية الصورة الأخيرة في جهاز تانغمو فسأنشرها لترواها»
ونشر فيديوً مُعلقًا عليه: «القارب يتحرك بهذا الشكل، فهل من المعقول أن أتبول في مؤخرة القارب؟! أليس ذلك صحيحًا يا صديقي العزيز؟»
وسابعًا نُشرت صورٌ لِتانغمو كُتب عليها: «الكدمات في وجهي تدل على الاعتداء عليّ... ولكن من قبل من؟ هل يمكنك أن تشرح ذلك يا صديقي المفضل؟»
![]() |
هذه صورة قديمة لها أثناء إجراء عملية في الجفن. |
أما ثامنًا فقد نُشر مقطع صوتي يقول فيه:«هل هذا الفندق في جون أم أنه قريب؟»
تاسعًا فقد نُشر صورة وفيديو كتب فيها: «لقد وقعت في الماء قبل الساعة العاشرة، أبلغوهم متأخرًا فلن يعرفوا ذلك الآن لذا كان عليّ خلق أدلة كاذبة بأن مو كان لا يزال هناك في ذلك الوقت وتبحر في قارب معهم، فقط للتخلص مني ثم حضر رجال الإنقاذ وأغشّوا القرويين وخدعوا نظام الملاحة (GPS). أنا أعلم أنها لم تقتنع بأن تذهب إلى الفندق، لذلك فعلوا ذلك خلاصة القول أن المديرة جنت بعض الأموال بالفعل»، وقد شارك الحساب العديد من الصور والفيديوهات التي تدعم كلامه.
لِلأسف في نفس يوم جنازة تانغمو٢٤ مايو ٢٠٢٢ قام هذا الشخص بنشر صورة لجثتها.
![]() |
أبلغ بيرد الفريق الطبي أن تانغمو قد قدّمت طلبًا للتبرع بأعضائها بعد وفاتها، إلا أن الفريق رفض ذلك بسبب حجم التورم والجروح التي لحقت بها. |
بِتاريخ ٢٦ مايو ٢٠٢٢م اعترفت والدة تانغمو بأنها أرسلت هاتف ابنتها إلى شخص في الولايات المتحدة عمدًا ظنًا منها أنها ستعرف سبب وفاة ابنتها لكنها لم تتوقع أن يستخدم هذا الشخص الهاتف وينشر الصور الشخصية للمتوفية تانغمو (حاولت استرداد الصور من الهاتف لكنها لم تستطع، فأقنعها هذا الشخص بأنه قد يعثر على أدلة تشير إلى أن القضية هي قضية قتل، فأعطته الهاتف) فتم القبض عليه بتهمة التشهير.
** قامت والدة تانغمو بطرد جاتيك من منزل ابنتها ثم وجّهت دعوة إلى اثنين من المشتبه بهم الأثرياء لحضور حفل عيد ميلادها بعدما استقبلتهم باعتبارهم "أبناءها الروحيين".
١١) تصرفات الشرطة المثيرة للريبة (بل الغبية في بعض المواضع):
أولًا: تُرك اليخت في الهواء الطلق دون أي حماية تُذكر ثم استُخدم القارب نفسه لاحقًا لإعادة تمثيل الجريمة غير أن الفحص أظهر تغييرات واضحة إذ تغيّر الإطار الأمامي للقارب من اللون الأبيض إلى الفضي كما أن الهيكل الجانبي بدا مختلفًا تمامًا مما يُشير إلى أن القارب الأصلي قد تم استبداله سرًا بعد الحادثة، والطريف المؤسف في آنٍ معًا أن المروحة سقطت في الماء أثناء التمثيل مما اضطر الشرطة إلى استدعاء غواصين للبحث عنها.
ثانيًا: لم تُحضِر الشرطة المشتبه بهم الخمسة فورًا إلى مركز التحقيق لأخذ إفاداتهم، و عندما رفضوا إجراء اختبارات الدم وافقت الشرطة بشكل مريب، ولم تجمع عيناتهم إلا في اليوم التالي.
ثالثًا: تم تغيير موقع تشريح الجثة أكثر من مرة بشكل مفاجئ ومثير للشك، وفي التقرير الأول أعلنت الشرطة عن وجود ١١ جرحًا، ولكن بعد الضغط وإعادة التشريح ارتفع العدد إلى ٢٢ جرحًا ثم إلى ٢٦ جرحًا بين الفخذ والكاحل! .
رابعًا: إحدى الصور التي عرضتها الشرطة لإثبات الجروح على جسد تانغمو تبيّن لاحقًا أنها صورة مسروقة تعود لشخص آخر تمامًا، ووفقًا لأول شخص رأى جثة تانغمو، فإن تقرير الشرطة لا يتطابق مع الحالة الفعلية للجثة التي رآها بعينيه.
التجربة على جلد الخنزير والسكين القابل للطي: في محاولةٍ من الشرطة لمحاكاة إصابة تانغمو قامت بإجراء تجربة على جلد خنزير لمعرفة ما إذا كانت مروحة القارب هي السبب الحقيقي للجروح في ساقها غير أن التجربة أظهرت أن إصابة جلد الخنزير بالمروحة لم تكن مشابهة لما وُجد على جسد تانغمو لا من حيث الشكل ولا العمق، وعلى إثر هذه النتيجة لجأت الشرطة إلى تجربة ثانية إذ قامت باستخدام سكين قابل للطي لتقطيع جلد الخنزير، وكانت النتيجة هذه المرة مُطابقة تقريبًا من حيث العمق والعرض لإصابة ساق تانغمو، ومن جهة أخرى التقطت كاميرات المراقبة المشتبه به "بور" أثناء محاولته إخراج شيءٍ ما لفتح زجاجة نبيذ على متن القارب قبل مغادرته، وكانت حركته مطابقة للطريقة التي تُستخدم عادة لفتح السكين القابل للطي، ومع ذلك وعلى الرغم من كل هذه المؤشرات اكتفت الشرطة بالقول إن الأداة التي استخدمها "بور" ليست سلاحًا وإنما مجرد أداة لفتح زجاجات النبيذ، واعتبرت الأمر تفصيلًا لا يستحق الذكر في القضية!.
الأدلة المُهملة والمُتناقضة: في سياق التحقيقات عُثر على كأس نبيذٍ واحدة فقط على متن القارب، وهو أمر أثار الشكوك نظرًا لما أفاد به المتواجدون عن وجود مشروبات كحولية خلال الرحلة، وبعد ضغط شديد من الرأي العام اضطرت الشرطة لإرسال غواصين للبحث في محيط القارب، فعثروا بالفعل على أكواب نبيذ وزجاجات إضافية و بعض الأدلة التي لم تُكشف تفاصيلها حتى الآن أما البقعة الحمراء التي وُجدت على القارب فقد فسّرتها الشرطة بأنها قطرات نبيذ تناثرت بسبب حركة القارب غير المنتظمة، وصرّحت بأنها لم تعثر على آثار بول في مؤخرة القارب أو على جسد تانغمو مُعللة ذلك بأنه تم غسلهما بالماء مما يجعل من ادعاء "ساند" بأن تانغمو ذهبت للتبول في مؤخرة القارب ادعاءً غير قابل للتأكيد، وفي جانبٍ آخر أكثر غرابة أفادت وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية أن المشتبه به "بور" قام بإجراء مكالمات هاتفية مع شخصيات ذات نفوذ داخل الدولة، وهو ما لم تتطرق إليه الشرطة علنًا بأي تفسير أو تعليق رسمي ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن الشرطة لم تُقرّ رسميًا بحجز غرفة الفندق الذي تم باسم تانغمو من قِبل كلٍّ من "روبرت" و"بور" أما ما يُثير الريبة بشكل خاص فهو ما يتعلق بـالفوطة الصحية التي وُجدت على القارب، والتي أُبلغ بأنها تعود لتانغمو دون أن تُعطي الشرطة أي توضيح لوجودها أو دلالتها لكن المعلومة التي كشفتها صديقتها المقرّبة تُفجّر مفاجأة صادمة: تانغمو كانت تستخدم وسيلة منع حمل تُزرع في الذراع (شريحة تحت الجلد)، وهذه الوسيلة تمنع الدورة الشهرية لمدّة ثلاث سنوات مما يجعل من المستحيل بيولوجيًا أن تكون الفوطة تعود لها ما يطرح علامات استفهام خطيرة حول التلاعب بالأدلة أو إدخال أدلة مغلوطة إلى مسرح الجريمة.
١٢) تمثيلية الرهبنة وصمت الشُبهات: في خضم التحقيقات المستمرة بعد جنازة تانغمو، وفي خطوة بدت للبعض أشبه بمحاولة درامية للهروب من ضغط الرأي العام أعلن كلٌّ من "روبرت" و"بور" وهما من المُشتبه بهم الرئيسيين خضوعهما لمراسم "الترسيم كرهبان"، وهي طقس بوذي يتضمّن حلق الرأس والدخول في حالة "صوم الحديث" لمدة خمسة عشر يومًا أي الامتناع التام عن الكلام.
اللافت في الأمر أنهما لا يعتنقان الديانة البوذية أصلاً، وهو ما طرح تساؤلات عدّة حول نوايا هذه الخطوة المفاجئة: هل كانت نوعًا من التكفير العلني لجذب التعاطف؟ أم وسيلة لتجنّب الاستجواب الفوري من الشرطة؟ وعلى الرغم من هذه التغطية الدينية لم تُثنِ هذه الخطوة السلطات التايلاندية من استدعائهما للتحقيق.
١٣) لجأ بعض العرّافين والمُشعوذين إلى أوراقهم وأدواتهم الروحية في محاولةٍ لتفسير ما حدث لتانغمو، فتشابكت التنبؤات وتباينت الرؤى إلا أنّ أغلب ما خرج من طقوسهم الغامضة كان رسالة واحدة: «لسيحصد كلُّ امرئٍ ثمار ما زرعته يداه» وزعم البعض أنّ روح تانغمو لم تهنأ بالراحة بعد، وأنها ما زالت تتنقل بين أروقة العالم تتبع ظل الحقيقة باحثة عن عدالةٍ سُرقت منها في غفلة من الزمن، وأنها لن تستكين حتى تُكشف الخيوط وتُقال الكلمة الأخيرة.
في مقطع الفيديو الذي تداولته أصدقاؤها يُزعم أنهم عندما نطقوا اسم تانغمو انطفأت الأضواء عدة مرات بشكل مفاجئ، ففسروا تلك الظاهرة الغريبة على أنها رسالة منها، تخبرهم بوجودها المستمر بيننا رغم رحيلها، وكأن روحها ترفض أن تُنسى أو تُدفن في صمت.
مقاطع كاميرات مراقبة وصور أثارت الشكوك:
١) محاولة الإمساك بالعوامات: يظهر في المقطع شخص يحاول الإمساك بالعوامات بينما يحاول آخر إبعادها بعيدًا، وكأن هناك أمر مهم يُخفى أو يُمنع كشفه.
٢) لحظة سقوط تانغمو من القارب (سقوط شيء ما من القارب).
٣) مشهد قتال (صراع) على متن القارب حيث يظهر شخصان يتشاجران، وتُستخدم زجاجة نبيذ كأداة للضرب.
٤) تانغمو تطفو على الماء، وشخصٌ ما (صياد) يدور حولها ليفحصها ثم يغادر المكان.
* أنكر الصيادون رؤيتهم لتانغمو، وادعوا أنه لو رأوها لكانوا قد ساعدوها.
٥) بعد سحب جثة تانغمو من الشاطئ فور رفعها خرج دم من رأسها وملابسها مبللة بالدماء مما يجعل البعض يعتقد أنها أُصيبت قبل سقوطها في النهر لأن الإصابة عند السقوط كانت لتتسبب في تفرق الدم بالماء بدلاً من تجميعه بهذا الشكل.
٦) يُزعم أن هذا هو صوت تانغمو وهي تطلب المساعدة لكن الشرطة لم تقم بتفسير أو تحليل هذا الصوت.
قال صياد إنه رأى زورقًا سريعًا يمر على الجانب الآخر ذهابًا وإيابًا ثلاث مرات ثم سمع امرأة تصرخ بصوت عالٍ، فالتفت لينظر لكنه لم يتمكن من تحديد ما إذا كان هناك شجار أم لا.
٧) رجل يحتضن امرأة.
نظرياتي المتعددة حول لغز وفاة تانغمو:
١) الصدفة العمياء والمصير الحتمي: تانغمو في لحظة عابرة على ظهر القارب ربما كانت مجرد ضحية لسرعةٍ وجنون الأمواج، تمسكت بأطراف القارب أو حاولت الإمساك بإحدى الرفيقات فارتدت الأخرى يديها عنها، وسقطت بلا حول ولا قوة (حين حاولت الإمساك بإحدى الفتيات أبعدت الاخرى يديها عنها دفاعًا عن نفسها فسقطت في الماء).. هنا لا مؤامرة ولا قصد فقط يد القدر التي تعزف على أوتار الحياة والموت.
٢) المؤامرة والقتال من أجل الكرامة: تانغمو التي لم تقبل أن تكون مجرد دمية تُقدم للبيع في سوق الظلمات قاومت بشراسة حين علمت بنواياهم السيئة لقد اشتبكت معهم، فسيل الدماء لم يتوقف ثم أُلقِيَت من على القارب أو ربما رميت قبل أن يتأكدوا من موتها.
تحديداً عندما علمت بمحاولتهم استدراجها للترفيه عن رجلٍ ذي منصبٍ رفيعٍ في الدولة كان هذا الرجل ينتظر بالقرب من النهر في فندق مقابل المال ظنوا أنها ستقبل بسبب ديونها الثقيلة التي تثقل كاهلها لكنها قاومت بشدة واندلع الصراع بينهم، وهناك احتمالٌ مرعب آخر: في لحظة ضعفها حاولوا التأثير عليها بجعلها تشرب حتى تُفقد وعيها ثم وقع عليها الفخ، واعتدوا عليها جنسيًا، وربطوا رقبتها بحبل وجروها تحت الجسر لفترة ثم فكوا الحبل. ربما رمت تانغمو نفسها محاولةً للهروب، تسبح نحو الرصيف القريب لكنها جُرحت ربما بالمروحة أو بشيءٍ ما في النهر، فسقطت ميتةً تحت مياه النهر الغامضة.
٣) مؤامرة المال والتمثيل: الأم وجاتيك مع الآخرون يخططون خلف الستار لجني ثروة التأمين، فنسجوا خيوط الأدلة الكاذبة لتمويه الحقيقة وإيهام الجميع بالغباء والتشويش معتقدين أن القانون لا يطالهم.
٤) حالة نفسية مأساوية: تانغمو في عذاب داخلي لا ينتهي تائهة بين ضباب الخيال و ظلال الواقع تعاني من اكتئاب قاتل، وسموم خمر الأدوية تُخدر عقلها وروحها. رمت بنفسها في النهر محاولةً يائسة للهروب من كابوسها الخاص من ذلك الجحيم النفسي الذي يلتهمها ببطء ربما خيل لها في لحظة غياب الوعي أن ما تعيشه حلمٌ مزعج، فلا تفرق بين الحقيقة والخيال بين يقظة الألم وغفوة السُكر، فاختارت الهروب إلى المجهول، فصدمت الركاب الذين خافوا من الحقيقة واختلقوا القصص ورموا الأدلة أو ربما بقرارٍ من ذاتها المحطمة اتخذت الطريق المظلم للانتحار تلك النهاية التي تبدو غبية لكنها تعبر عن يأس دفين لا يُقال.
وأخيرًا... ✨العِلم عند الله✨.
فرضيّة الجرح القاتل: بين سرعة القارب ومصير السقوط أوضح أحد الخبراء أنّه من غير المعقول أن يتعرّض الساقط من القارب لإصابة خطيرة إذا كان القارب يسير بسرعة لأنّ من يسقط في هذه الحالة ينزلق مباشرة إلى الخلف مبتعدًا عن القارب ما يقلّل احتمال تعرّضه لأي أذى ميكانيكي أما في حال كان القارب يسير ببطء، فإنّ الجسم الساقط قد يُسحب باتجاه مؤخرة القارب حيث تقع المروحة مما يعرّضه لإصابة قاتلة.
يُذكر أنّ في الفخذ الأيمن تحديدًا يمرّ أحد أهم الشرايين الرئيسية في الجسم، وفي حال قُطِع يتعرّض الإنسان لهبوطٍ حاد في الدورة الدموية قد يُؤدّي إلى الوفاة خلال أقل من عشرين دقيقة.
"نهر تشاو فرايا": مجرى الغموض والموت في قلب بانكوك يُعدّ نهر تشاو فرايا مجرىً مائيًا كبيرًا عكرًا ومزدحمًا يمرّ في قلب مدينة بانكوك حيث تكتظّ حركة القوارب وتتشابك التيارات القوية مما يجعله مكانًا خطيرًا للغاية للسباحة أو حتى السقوط فيه خصوصًا خلال ساعات الليل، وللأسف ارتبط هذا النهر بعددٍ من القضايا المأساوية من بينها حالات انتحار ألقى فيها أشخاصٌ بأنفسهم من على الجسور أو القوارب، وكذلك قضايا قتل غامضة ما زالت تُثير الجدل ومن أبرزها قضية امرأة وُجدت جثتها مقطّعة بطريقة وحشية حيث فُصل صدرها وأطرافها وأعضاؤها التناسلية عن جسدها كما سُجّلت حالة أخرى لامرأة قيل إنها انتحرت برمي نفسها في النهر لكنها كانت تحمل جروحًا مطابقة لتلك التي ظهرت على جسد تانغمو ما أثار الشكوك حول حقيقة ما جرى لها.
مراسم توديع الراحلة تانغمو:
أُقيمت الجنازة في الرابع والعشرين من مايو عام ٢٠٢٢م في كنيسة رانجسيت الميثودية بمنطقة خلونج لوانج في مقاطعة "باثوم ثاني" تايلاند بحضورٍ اقتصر على مائة و خمسين شخصًا بسبب إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، وقد جرى بثّ مباشر لمراسم التأبين عبر منصة يوتيوب، واستمرت هذه المراسم ثلاثة أيام.
رُتّبت الجنازة بعناية فائقة باستخدام ألف وواحدة من زهور التوليب والأوركيد التي زُيّنت بها الجهات الأربع للمكان (ترمز هذه الزهور إلى الإيمان والحب)، واختير لها اللون الأبيض يتخلّله الوردي، وهو اللون المفضّل لدى الراحلة تانغمو نيدا.
ألقى القساوسة، وأصدقاء تانغمو، ووالدتها عددًا من الخُطب المؤثرة تبِعتها ترانيم روحية غنّاها الحضور ثم سار المعزون بمحاذاة النعش لتوديع الراحلة قبل أن يُنقل إلى المحرقة لإتمام مراسم الحرق حيث اختُتمت مراسم التوديع.
* تجدر الإشارة إلى أن هذه الكنيسة هي ذاتها التي أُقيم فيها حفل توديع والد تانغمو من قبل، وقد أراد المقربون من الراحلة أن تكون مراسم الوداع في المكان نفسه ظنًّا منهم أن الأب والابنة قد يجتمعان مرة أخرى في العالم الآخر.
![]() |
بيرد أحضر هدايا تذكارية وكلبهما الأليف ليودّع تانغمو ثم طلب من والدة تانغمو بعض الأغراض التي كانت تربط بينه وبينها كذكريات مثل الوسادة، والقطة، والدمية، وبعض الحيوانات المُحنطة. |
![]() |
بدت والدة تانغمو مرتاحة إلى حدّ أنها وزعت ابتسامات للجميع، واحتضنت (المُشتبه به) وقبلته على خده قبل أن تُلقي كلمتها الأخيرة لِتانغمو كما وضعت صندوقًا لجمع التبرعات لدعم الأسرة ولمصاريف الجنازة. |
*للعلم في تاريخ الحادي عشر من مارس أُقيم الحفل التذكاري الذي حضره بعض المُشتبه بهم من بينهم كراتيك التي كتبت رسالةً للراحلة تقول فيها: «لقد شاركنا الدموع والابتسامات معًا، أكثر من مجرد أصدقاء. أعتبرك عائلتي، وستظلين دائمًا في قلبي».
![]() |
احتضن زوجها السابق (تونر)، حبيب تانغمو (بيرد)، تعاطفًا ومواساةً. |
ما هو الحكم النهائي لقضية تانغمو نيدا؟
أعلنت الشرطة بعد تحقيق استمر لأشهر بتاريخ ١٠ مايو ٢٠٢٢م أن الممثلة تانغمو كانت ضحية حادث تهور فقط، وليس جريمة قتل حيث استُبعدت فرضية القتل تمامًا، وأكدت الشرطة أن التحقيق استند إلى ٣٣٥ دليلًا منها ٤٧ تقرير تشريح، و٨٨ دليلًا ماديًا، و٢٠٠ مقطع فيديو (بينها ٧٠ كاميرا مراقبة)، و٢٢٥٠ وثيقة وأوراق رسمية بالإضافة إلى استجواب ١٢٤ شاهدًا.
تم توجيه تهمة الإهمال الطائش إلى جميع المشتبه فيهم الخمسة، والذي أدى إلى وفاة تانغمو بالإضافة إلى تهمة تقديم أقوال زور تتعلق بالإدلاء بأقوال كاذبة للشرطة، وإخفاء الأدلة، وإتلافها كما وُجهت تهمة إلى رجل يُزعم أنه دربهم على الكذب للشرطة، وساعدهم على الإفلات من العقوبات، ونصحهم بالصمت.
أقرّت الشرطة أن تانغمو توفيت اختناقًا غرقًا بسبب مروحة القارب، والتي تعرضت للإتلاف عند سقوطها قرب شفرة القارب ما تسبب في جرح داخلي بالجانب الأيمن من جسدها، واستند ذلك إلى وجود رمال في رئتيها مما يدل على أنها كانت تتنفس أثناء سقوطها في النهر، وأوضح الطبيب الشرعي أن انتفاخ مقلة العين وتحول لون الجلد إلى الأحمر كان نتيجة مياه النهر العكرة التي تحتوي على بكتيريا ضارة.
بعد إدانة بور وروبرت بالإهمال عام ٢٠٢٢م أقرّ الاثنان بذنبهما في الثالث من مارس عام ٢٠٢٣م بتهم الإهمال وتشغيل قارب بدون ترخيص قانوني، وتسريع القارب، وحصلا على تخفيض في العقوبة بنسبة ٥٠٪ نتيجة اعترافهما.
كان من المقرر أن يُسجنا لمدة ثلاث سنوات لكن بعد الاعتراف تم الحكم عليهما بالسجن مع وقف التنفيذ لمدة عامين مع تخفيض الغرامة، وأُمرت المحكمة بأدائهما خدمات عامة، وبهذا انتهت قضية تانغمو نيدا بالإفراج عن جميع المتهمين بكفالة.
![]() |
تم تغيير السيرة الذاتية للحساب الرسمي لتانغمو إلى: «تذكر أو لتُدرك شيئًا منسيًا مرةً أخرى» دلالةً على أن الحساب أصبح منبرًا لإحياء ذِكرى حياتها بعد رحيلها المحتوم، ولكن للأسف تم حذف الحساب الرسمي لاحقًا، كأن فصلًا يُغلق بقسوة بلا وداع تاركًا فراغًا عميقًا في قلوب محبيها وذكريات لا تُمحى. |