المرأة العنكبوتيّة في الفولكلور الياباني: جوروجومو

تعدّ "جوروجومو" في الفولكلور الياباني رمزًا للغموض والخوف حيث تتخذ شكل امرأة رائعة الجمال تخفي وراءها قدرة قاتلة. هذه الأسطورة تجمع بين الجمال والشر، و تستعرض قوى الطبيعة البشرية المظلمة لتثير التساؤلات حول الخداع والقوة والمصير. في هذا المقال سنغوص في أعماق الأساطير المرتبطة بها لنتعرف عليها أكثر.

المشهد الأول: شَبكة العروس

كان اسم "جوروجومو" (جوروغومو) في اللغة اليابانية القديمة يعني العنكبوت العاهرة ثم تغيّر لاحقًا إلى "شَبكة العروس" أو "عُقدة الزوجة" تخفيفًا للفظ المسيء لكن ظلّ هذا الكائن يحتفظ بسحرٍ خاص ومرعب في آنٍ، إذ تتناقل الأساطير اليابانية القديمة قصصًا كثيرة حوله تصفه بأنه مخلوقٌ أسطوري قاتل عنكبوت يتنكر عادةً في هيئة امرأة فاتنة ليجذب الرجال إلى شباكه، ويقيّدهم بها حتى يلتهمهم لاحقًا، ويُقال في بعض الروايات إنه ينتظر ثلاثة أيام بعد إغواء ضحاياه ليأخذ رؤوسهم ويأكلها.

هل الجوروجومو كائن حقيقي؟ وفقًا للأساطير يُعتقد أن أصل هذا الكائن يعود إلى العنكبوت الحريري الذهبي الذي يوجد فعليًا في الطبيعة، وتزعم الأسطورة أنه عندما يبلغ هذا العنكبوت عمر ال٤٠٠ عام يكتسب قوى سحرية تمنحه القدرة على تغيير شكله وعاداته كما تتحول شهيته من الحشرات إلى لحم البشر، ليصبح بذلك مخلوقًا قاتلًا يتنكر في هيئة امرأة جميلة لاستدراج ضحاياه.

أين يعيش الجوروجومو؟ يعيش هذا الكائن بعيدًا عن المجتمعات في الكهوف النائية أو أعماق الغابات أو في البيوت المهجورة القريبة من الشلالات، ويُقال إنه قادر على اتخاذ شكلٍ هجين (نصف عنكبوت ونصف امرأة)، كما يمكنه التحكم في العناكب الصغيرة التي يستخدمها أحيانًا لنفث النيران وإحراق البيوت.

 

هُنالك العديد من القصص المتعلّقة بـ "جوروجومو"، وهي تتفاوت في تفاصيلها و تقديمها لهذا الكائن الأسطوري القاتل، ومن أشهر هذه القصص:

١) الشباك القاتل : يغيّر العنكبوت مظهره إلى امرأة جميلة ومثيرة ليجذب فريسته المفضلة، وهم الشباب الوسيمون الذين يبحثون عن الحب والمغامرة، فتجذب من تشاء كما يهوى لها من خلال سحرها، وتدعوه إلى منزلها (أو كوخها).

تبدأ بالعزف على البيو (آلة موسيقية يابانية قصيرة العنق)، فتنتشر ألحانها الجذابة لتدفعهم للاقتراب من مصدر الصوت، وبفضل تلك الألحان الجميلة التي لها القدرة على تنويم ضحاياها مغناطيسيًا يغرق الشباب في سحر جمالها ويصبحون غير قادرين على مقاومة جاذبيتها.

وفي أثناء ذلك عندما يقع ضحاياها في شرك إغوائها تكشف عن هيئتها الحقيقية. تفتح شبكتها حولهم وتربطهم بخيوطها لتشل حركتهم ثم تبدأ بحقنهم بسموم مميتة تتسلل إلى أجسادهم، فتضعفهم وتستمتع بمعاناتهم، وعندما تنتهي تبتلعهم بشراسة أو تحتفظ بهم لوجبة قادمة. 

*في بعض الروايات يُقال إنها تلف خيوطها حولهم من جميع الجهات، وعندما تتأكد من أنها قد شدّت وثاقهم بشكل محكم تغيّر مظهرها إلى شكل العنكبوت وتشرع في التهام رؤوسهم بكل وحشية.

٢) انتقام العنكبوت: يُقال إن أول أنثى عنكبوت كانت امرأة جميلة (آية من الجمال) لكنها كانت تخون زوجها و تلعب بعواطف الشباب في علاقات غرامية، وعندما اكتشف زوجها فعلتها ألقى بها في صندوق مليء بالعناكب السامة، فامتصت العناكب دمها وتناولت جسدها حتى فارقت الحياة. بعد وفاتها اندمجت روحها الشريرة (الوقحة) مع العنكبوت السام فأصبحت امرأة عنكبوت شرسة لا ترحم تطارد الشباب لتشبع رغباتها أو لتنتظر اللحظة التي تستطيع فيها الانتقام من زوجها فتقضي على حياته، وهذا يُفسر حقيقة أن أنثى العنكبوت عادةً تأكل زوجها بعد التزاوج.

٣) الفخ القاتل للساموراي: تتخذ الجوروغومو هيئة امرأة شابة تحمل بين يديها طفلًا رضيعًا وتترجى كل رجل ساموراي يمر من أمامها أن يساعدها ويحمل رضيعها، وعندما تنطلي الخدعة على الرجال ويقبلون حمل الرضيع بين أذرعهم تنفجر الآلاف من بيوض العنكبوت على وجوههم (تفقس العناكب الصغيرة) وتبدأ في مهاجمة الضحية (تقوم بنسج خيوطها حوله لتلتهمه أو تخفيه لوالدتها). 

*في بعض الروايات يُقال إن المرأة الشابة يتراوح عمرها بين ١٩ و٢٠ عامًا تحاول إغراء محارب شاب (ساموراي) بإخبار الطفل الرضيع أن هذا الشاب هو والده، وتطلب منه أن يذهب ويحتضن الشاب أو تقول للشاب أن هذا الرضيع هو ابنه، ومع ذلك في جميع الأحوال الشاب الذكي لا يقع في حيلتها حيث يدرك أنها ليست بشرية، بل روح شريرة، فيسحب سيفه ويضربها لكنها تهرب إلى علية المنزل، وفي اليوم التالي يجد الساموراي الجوروغومو في العلية مع بعض الجثث.

وفي بعض الأحيان يُقال إن الشاب يخبر القرويين بما حدث، فيذهبون لتفتيش العلية ليكتشفوا جثة عنكبوت عملاق إلى جانب عدد لا يُحصى من جثث الضحايا الذين تم التهامهم بالفعل.

٤) فخ السلال: في أحد الأيام استراح رجل عامل متعب بالقرب من سفح شلالات جورين في محافظة شيزوكا، وبينما كان يحاول أخذ قيلولة هناك تفاجأ بأن إحدى قدميه قد تشابكت فجأة بخيوط عنكبوتية محاولة سحبه إلى المياه، ولكن الرجل الذكي تمكن من فك الخيوط عن قدمه وقطعها ثم ربطها بجذع شجرة مجاورة كفخ، وبعد لحظات قليلة سُحبت الشجرة بقوة إلى أعماق المياه مما دفع الرجل للهرب بعيدًا عن الشلالات.
عاد الرجل إلى قريته وأخبر السكان بما حدث له مُحذرًا إياهم من المخلوق الشيطاني الذي كان يقبع بالقرب من الشلال. أصاب الخوف قلوبهم، ولم يجرؤ أحد على الاقتراب من ذلك الشلال مرة أخرى.

*في بعض الروايات تتغير القصة بشكل طفيف حيث بعدما ربط الرجل الخيوط بجذع الشجرة نظر إليها بينما كانت تُسحب بقوة إلى ضفة النهر ثم اختفت خلف الشلال، وفجأة سمع صوت امرأة يأتي من خلف الشلالات تقول: «يا له من ذكي، يا له من ذكي». بفضل هذا الصوت أدرك الحطاب أن الآلهة قد أنقذته حيث قامت بتقريب الجذع إليه ليتمكن من النجاة فبشكرٍ عميق للآلهة أخبر الحطاب أهل قريته بما حدث فقاموا بتكريم الآلهة وأقاموا نصبًا تذكاريًا في المنطقة احتفاءً بإنقاذها له.

ومنذ ذلك الحين أصبح هذا المكان يُعرف باسم "كاشيكوبوتشي" التي تعني "الهاوية الذكية"، واعتُبرت الآلهة حامية وقائية من خطر الغرق إذ كان يُعتقد أن هناك قوة خارقة تحمي كل من يمر بالقرب منها.

٥) سر الشلال المظلم (مرتبط بالقصة السابقة) : بعد فترة من الزمن وصل إلى القرية حطاب غريب من خارج المدينة غير مدرك لما حدث في تلك المنطقة من قبل قرر الذهاب إلى الشلال لقطع الأشجار دون أن يعرف شيئًا عن الحادثة السابقة، وبينما كان مستغرقًا في عمله وقع فأسه عن غير قصد في حوض الشلال، وقبل أن يهمّ بالغوص لاستعادته ظهرت إليه امرأة جميلة وغامضة من قاع الشلال، وأعادت إليه فأسه. قبل أن تختفي نظرت إليه بعينيها الغامضتين وقالت له بصوت منخفض متوسلة: «لا تخبر أحدًا عني، فالقرية تبث شائعات كاذبة عني، وإذا أخبرت ستنتهي حياتك»، ورغم شكوكه شعر بشيء من الرهبة فوافق على وعدها لكن القلق بدأ يساوره.

مرّت الأيّام وكان الحطّاب يعيش في توتّرٍ دائم حتى جاءَتْ ليلةٌ أسرف فيها في شرب الخمر وحينها دون أن يُدرك خطورة كلماته أفصح عمّا جرى له عند الشلّال وكيف ظهرت له تلك المرأة الغامضة ذات الجمال الأخّاذ عسى أن يخفّف عن صدره وطأة الهمّ ثمّ نام نومه العميق كعادته لكنّه لم يستيقظ أبدًا... فقد مات في منامه عقابًا على إخلافه الوعد أو لعلّها كانت بداية كابوسه الأبديّ ذاك الذي لا مهرب منه.

*قيل في روايةٍ أخرى إنّ الفتاة طلبت من الحطّاب ألّا يقطع أيّ شجرةٍ في هذا الشلّال أبدًا مقابل أن تُعيد إليه فأسه، فوافق على طلبها دون تردّد ثمّ توسّلت إليه ألّا يُخبر أحدًا بوجودها أو بما حدث بينهما فأومأ بالموافقة دون أن يُدرك حينها ثقل الوعد الذي قطعه.

**في روايةٍ أخرى قيل إن الحطّاب قد وقع في حبّها من النظرة الأولى ومنذ ذلك اليوم بات يتردّد إلى الشلال كل صباح أملًا في رؤيتها من جديد متشبثًا بخيطٍ من الحنين غير أن جسده أخذ يضعف شيئًا فشيئًا؛ كانت روحه تذبل كلما اقترب من الماء وصحّته تتدهور مع كل زيارةٍ لا يجد فيها طيفها حتى التقى ذات يوم براهبٍ بوذي، فقصّ عليه حكايته، فهزّ الراهب رأسه بأسى وقال: «لقد وقعتَ ضحيةً لتعويذتها إنها المرأة العنكبوت تمتصّ طاقتك بخيوط سحرها الخفيّة».

رافق الراهب الحطّاب إلى الشلال، وهناك بدأ يتلو السوترا البوذية بصوتٍ جهوريّ فما إن علا صوته حتى بدأت خيوط عنكبوتية كثيفة تتسلّل من بين المياه محاولةً التغلغل حول جسد الحطّاب لكنّ الراهب صرخ بالتراتيل فاختفت الخيوط مذعورة كأنها تحترق بالكلمات ثمّ قال للحطاب بصوت حازم: «ما رأيته ليس امرأة، بل وحش مقنّع بجمالٍ خادع، غادر هذا المكان للأبد أو سيبتلعك كما ابتلع غيرك».

لكنّ الحطاب وقد أُغشي على قلبه من الحب لم ينصت للتحذير، بل صعد إلى أحد المعابد، وناجى الآلهة طالبًا مساعدتها كي يلتقي بمحبوبته ويتزوجها غير أنّ الآلهة رفضت ورفضها كان صارمًا. لم يحتمل قلبه المهووس تلك القطيعة فمضى نحو الشلالات، ونادى باسمها حتى أجابته الخيوط الحريرية من تحت الماء تلتفّ حوله كأذرعٍ محبّة... ثمّ سُحب إلى أعماق النهر ولم يُرَ بعد ذلك قط.

* في روايةٍ أخرى عُثر على جثّته في صباح اليوم التالي طافيةً فوق سطح الماء باردةً كأنّ الحياة قد انسحبت منها بهدوء.

٦) قناع الأوتار والدم: يُقال إنّ الجوروجومو يقتل الموسيقيّات من النساء ثمّ ينتحل هويّاتهنّ ليتقرّب من الموسيقيّين الرجال ذوي الوسامة، ويغويهم ليقعوا في شِباكه (يمارس علاقة معهم).

 


٧) لعنة الصنّارة: كان هناك رجل يصطاد قرب الشلال، وحين ألقى بصنّارته تحت المياه المتدفقة تعلّق بها عنكبوت كبير. حاول الرجل أن يتخلّص منه بضرب الصنارة في الأرجاء لإسقاطه لكن خيط الصنّارة شدّ فجأة وشعر بثقله، وحين حاول سحبها لم يجد شيئًا واضحًا، وفجأةً ظهر أمامه ثعبان ضخم له عنقٌ يشبه المنجل يتدلّى من نبات الوستارية.

سحب الرجل خنجره على الفور وطعن الثعبان، فسقط الأخير في مياه الشلال، وما إن فعل ذلك حتى تغيّرت السماء فجأة وغطّتها الغيوم وبدأ المطر يهطل بغزارة بينما اشتدّ خيط الصنّارة أكثر فأكثر، فشعر الرجل بالخطر وتركها ثم فرّ هاربًا إلى أقاربه، ولكن ما لم يكن في الحسبان هو أنّ تلك اللحظة كانت بداية لعنة... فقد غرقت عائلته بأكملها بعدها بوقتٍ قصير، وكأن شيئًا ما كان ينتقم.

٨) حلم الانتقام العنكبوتي: كان هناك محارب ياباني قديم يستعد لأخذ قيلولة في شرفته حينما ظهرت أمامه امرأة حكيمة في منتصف العمر (تبلغ من العمر٥٠ عامًا) أخبرته أن ابنتها الصغيرة ذات السن ١٥ أو ١٦ عامًا كانت مهووسة به وتحبه، ودعته بكل أدب لزيارة منزلها ، وافق المحارب على مضض، وعندما وصل إلى منزلها طلبت منه الفتاة أن يتزوجها. رفض المحارب على الرغم من أنها أصرت حتى أنها قالت له إنها لا تكرهه لأنه حاول قتل والدتها مشيرة إلى قولها: «كادت والدتي أن تُقتل على يديك» صُدم المحارب من كلامها فهرب من منزلها إلى منزله، وفجأة وجد نفسه في سريره بالشرفة، وكأنه قد استيقظ من نومه للتو. تفزع زوجته وتخبره أنه كان نائمًا طوال تلك الفترة فيقتنع المحارب بأن كل ما حدث له كان مجرد حلم فيشعر بالراحة، ولكن في تلك اللحظة يلاحظ وجود عنكبوت صغير بالقرب من الشرفة فيتذكر أنه قد طرد العنكبوت في اليوم السابق فيأمر خدمه بإزالة جميع أعشاش العناكب من المكان. 

*في إصدار آخر تتغير الصيغة لتقول الفتاة: «بالأمس كادت أمي أن تقتلك»، فيدرك المحارب أن العناكب كانت تسعى للانتقام منه سواء كان هو من قتل والدتها أم لا.

٩) خوف يؤدي إلى الهزيمة: يُحكى أنه في أحد الأيام زارت امرأة جميلة رجلاً كان يعيش بجوار الشلال، وأخبرته بأنها قادرة على التحول إلى ثعبان البحر (الأَنْقَلَيْس)، وأنها ستهاجم الكائن الموجود في قاع الشلال في اليوم التالي، وخوفًا من أن تفشل في مهمتها طلبت منه أن يصرخ قائلًا: «أنا هنا لمساعدتك» وافق الرجل على مضض لكن عندما وصل اليوم التالي وتوجّهت الأمور إلى ذروتها عند الاشتباك شعر الرجل بالخوف واختبأ في منزله رافضًا الخروج أو الصراخ لمساعدتها، وبذلك هُزمت فتاة الأَنْقَلَيْس أما الرجل فكان نصيبه الجنون والموت.

١٠) الزائرة العمياء وعين العنكبوت: يُحكى أنه بعد تأكيد خطبة ابن صاحب الأرض زارتهما في ذلك اليوم امرأة جميلة عمياء طلبت منهما أن تقضي ليلتها في منزلهما لأنها كانت ضائعة، فسمح الأب لها بذلك. 

في صباح اليوم التالي غادرت المرأة دون أي مشاكل لكن منذ ذلك اليوم بدأ الابن يمر بتغيرات غريبة؛ أصبح وجهه شاحبًا ونحيفًا وصحته تتدهور يومًا بعد يوم. انتشرت إشاعة في القرية مفادها أن في كل ليلة ما بين الساعة الثانية والثالثة صباحًا كانت هناك امرأة تزور غرفة الابن.

عندما سمع الأب عن هذه الإشاعة سأل ابنه بقلق: «هل حدث شيء لك؟» فأجابه الابن أنه يحلم كل ليلة بأن امرأة تزوره وتنظر إليه بعينين حنونتين، وبعد سماع ذلك اختبأ الأب في غرفة ابنه في تلك الليلة لكي يتحقق من الأمر وعندها اكتشف أن المرأة العمياء التي استضافها سابقًا قد دخلت غرفة ابنه. 

في اليوم التالي أمر الأب العديد من الصيادين في القرية بالاختباء في فناء غرفة ابنه ليقبضوا عليها، وعندما ظهرت المرأة العمياء مرة أخرى اكتشفوا أنها كانت تتخذ شكل امرأة عنكبوتية عملاقة وتمتص دماء الابن النائم رغم خوفهم الشديد أطلق الصيادون السهام على المرأة العنكبوتية، فصرخت وهي تحاول الهروب من إصاباتها المتعددة، ولكن الصيادين أحاطوا بها من كل الجهات. عندما حاولوا توجيه الضربة القاتلة إليها استفاق الابن وتوسل بيأس قائلاً: «من فضلكم، من فضلكم دعوها تعيش!».

استجاب الأب لطلب ابنه وقال للصيادين: «لأن ابني قال ذلك، سأنقذ حياتكِ، اذهبي إلى الجبل ولا تعودي إلى هنا مرة أخرى!» بعد سماع ذلك نظرت المرأة العنكبوتية إلى الابن قليلاً ثم سحبت جسدها المصاب إلى الجبل، وفي اليوم التالي يحكي الأب لاِبنه قصه سمعها عندما كان صغيرًا وهي :
«في قديم الزمان كانت هناك امرأة جميلة قد اتفقت على الزواج، ولكن في اليوم السابق لحفل الزفاف تخلى عنها خطيبها لأنه غيّر رأيه. حطمت الصدمة قلبها فغادرت إلى الجبال لتعيش في عزلة، وهناك تحولت إلى فتاة عنكبوتية عملاقة بسبب الكره والحزن الذي خيم على قلبها جراء خيانة خطيبها، ومنذ ذلك الحين انتشرت إشاعة في الأرجاء تقول إنه كلما التقت الفتاة العنكبوتية بشاب على وشك الزواج، فإنها ستطارده دائمًا وتلاحقه منتقمةً من كل قلب خذلها كما خذلها خطيبها».

 كيف يمكن الهرب من الجوروغومو؟

١) الحب الصادق: الأسطورة تقول أن الطريق الوحيدة للهرب من الجوروغومو هي أن تكون أنت بالفعل تحب شخصًا بكل صدق. إذا كان حبك صادقًا فإن سحرها لن يكون له تأثير عليك مهما كانت مغرياتها أما إذا كان قلبك لا ينتمي لأحد، ففرص الوقوع في سحرها تكون أكبر، وللحماية من سحرها يُنصح بفرك خليط من زيت أوراق النعناع مع الماء ووضعه على جسدك لأن الجوروغومو تكره تلك الرائحة.

٢) قتلها بالصخور الرسوبية البيضاء: يمكنك قتل الجوروغومو برميها بحجارة من نوع الدياتوميت، وهو نوع من الصخور الرسوبية البيضاء. هذه الصخور ستجفف جسدها وتؤدي إلى موتها.

٣) الخوف من النار: يُقال أن الجوروغومو تخاف من النار لذا يمكنك حرقها كوسيلة للتخلص منها أما إذا حاولت قتلها بالسيف فيجب أن يخترق السيف صدرها مباشرة ليؤدي إلى قتلها لكن هذا أمر صعب جدًا.

٤) رؤية حقيقته: لرؤية حقيقته يمكنك استخدام معدن أو زجاج أو حتى النظر في انعكاس الماء. في هذه المواد سترى شكله الحقيقي الذي يتكون من نصف عنكبوت ونصف بشري مما يساعدك في التعرف عليها وتفاديها.

ما الذي يرمز إليه الجوروغومو في الأسطورة، وكيف يعكس طبيعة الأنوثة المزدوجة؟

الجوروغومو يُمثل رمزية الأنوثة المزدوجة حيث يُجسد الطبيعة الغامضة للأنثى التي تجمع بين الجمال والخطر، فهي تجسد الوجهين المتناقضين للأنثى: المظهر الجذاب والمغري من جهة، والنية المظلمة والماكرة من جهة أخرى في هذا السياق يمثل الجوروغومو مكر الأنوثة وقدرتها على إيقاع الرجال في فخها ما يعكس أبعادًا معقدة من النفوذ الأنثوي الذي يتلاعب بالآخرين بشكل غير مرئي.

بالإضافة إلى ذلك يمكن اعتبار الجوروغومو رمزًا لرفض قواعد المجتمع الأبوي حيث يتحدى الوجود الفائق للطبيعة لهذا الكائن الهويات والقيود التقليدية المتعلقة بالأنثوية موضحًا قوة النساء وقدرتهن على التفوق على القوى الاجتماعية المهيمنة.

*المقولة التي تقول: «النساء كالعناكب، تشُدك إلى شبكتها حتى لا تستطيع التنفُس مدى الحياة» تعكس تصورًا قديمًا عن المرأة حيث يُعتقد أن النساء يُحسنَّ فن الإغواء، ووفقًا لهذا التصور تسعى النساء إلى العثور على الرجل الذي يطابق معاييرهن ثم يبدأن ببناء شبكتهن الخاصة التي ستكون بمثابة فخ لإيقاع هذا الرجل. في البداية يبدأن بالتقرب منه بطرق متقنة ليتمكنَّ في النهاية من اصطياده في شبكتهن.



📝بِقلمي «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ».

زُمردة

تعطُّشي لِلمعرِفةِ جعلنِي مُحِبة لِتَفسِيرِ ما أقرأُ.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الإِتّصال