أسطورة باليه جيزيل بين الحب والخيال

هي حكاية رومانسية مؤثرة تُلقب بـ"العنف المأساوي اللطيف" لأنها تجمع بين الحب البريء والنفاق والانتقام والتسامح في عالمين متباينين: أحدهما الواقع، والآخر في الخيال، وتحديدًا في عالم القبور المظلم، وقد كتب مؤلف باليه جيزيل الموسيقى المؤلف الفرنسي أدولف آدم، وتُعد واحدة من أهم أعماله.

تُقسّم الحكاية إلى فصلين: 

الفصل الأول (الواقع): تبدأ الحكاية بظهور فتاة قروية مبتهجة تُدعى جيزيل تقطن في كوخ برفقة والدتها بيرث في قرية تُدعى براينلاند بألمانيا، ولسوء الحظ تحب جيزيل الرقص لكنها في الوقت ذاته تمتلك قلبًا ضعيفًا، فلا يجدر بها القيام بأعمال تُرهقها، ومع ذلك هي خرقاء ولا تُبالي بتحذيرات والدتها التي تنذرها بأنها قد تتحول إلى (ويلي) إذا ماتت قبل أن تتزوج.


من هن الويلا (ويليز) / ويلي/ ويلاس / ويليس؟ هن أرواح عذراوات عالقات كنّ مخطوبات ولكن وافتهن المنيّة ليلة زفافهن، وبالرغم من مغادرتهن الحياة تبقى أرواحهن الشابة متعطشة للرقص الذي حُرمن منه بسبب القدر فتتجول الـ"ويلي" في الغابات ليلاً لتغري الرجال أولًا، ثم تجبرهم على الرقص حتى الموت من الإرهاق.

عندما كان الفلاحون يحتفلون بمهرجان الحصاد افتتن الأمير الشاب ألبرشيت / ألبرخيت ببراءة وجمال جيزيل فتنكر ألبرشيت في هيئة شاب بسيط من الفلاحين مُلقبًا نفسه ب "لويس" محاولًا استمالتها وكسب ودها بنوايا صادقة. كانت جيزيل تتردد أحيانًا ثم تقبلت أمره أحيانًا أخرى حتى وقعت في حبه غير مدركة أنه في الحقيقة أمير متخفي مخطوب لفتاة أخرى مُلزَم بها رغمًا عنه.

غمر الفرح قلبيهما، فتراقصا بشغفٍ يعبران به عن حبهما الصادق. نادت بيرث ابنتها جيزيل مرارًا لتُحذرها من تدهور صحتها لكنها الخرقاء الطفولية لم تبالِ ثم قطفا معًا بتلات زهرة الأقحوان الأبيض واحدةً تلو الأخرى متطلعين ومتوشّقين لمستقبل حبهما. تحدّثت جيزيل مع كل بتلةٍ تقطفها قائلة: «يحبني... لا يحبني»، حتى سقطت آخر بتلة على قولتها الأخيرة: «لا يحبني» حاول لويس تهدئتها وتعهد لها بحبه الأبدي، فتخلصت جيزيل من البتلة بسرعة غير مدركين أن هذه اللعبة البسيطة ستتحول إلى نذر شؤمٍ يصيب حبهما.

لا تخلو قصص الحب من وجود الطرف الثالث، وفي هذه الحكاية لدينا الشاب هيلاريون (حارس الغابة) الذي يحب جيزيل حبًا جمّا يكاد يكون جنونًا لكنه لا يعلم حقيقة مرض قلبها الذي قد يؤثر على حياتها، فعندما رآها ترقص مع ذلك الشاب الغريب غار عليها غيرة شديدة، فهرع لإبعاده عنها وعاتبها على سلوكها ثم عرض عليها فجأة حبه الصادق لكنها رفضته بازدراء، فاشتعل قلبه حقدًا، وقرر السعي لكشف حقيقة ذلك الشاب الغريب فتبعه (يسير خلفه) فرأى كيف يغير ثيابه الرثة إلى ملابس فاخرة ويحمل سيفًا بيده حينها تيقن أن ألبريشت كاذب ويدعي أنه من الطبقة العامة.

تنطلق الأبواق من بعيد مشيرة إلى الوصول الوشيك لمجموعة الصيد التي كانت بقيادة الدوق كورلاند وابنته الأميرة باثيلدي التي يتضح أنها خطيبة الأمير ألبريشت. 

اختلفت الأقوال هنا إلى:
١) قامت القرية بالاستعراضات ترحيبًا بها، وأخذت جيزيل تقدم النبيذ للأميرة، فأعجبت باثيلدي بلطف وجمال جيزيل، فوهبتها قلادة جميلة لترتديها.

٢) تحكي جيزيل لِباثيلدي عن حبها، فتمنحها باثيلدي هدية زواج أما هيلاريون فيبحث بعينيه عن لويس، فيلاحظ ملامح الحيرة والخوف ترتسم على وجهه كأنه يحاول الاختفاء عن الأنظار، وهنا يتأكد هيلاريون من شكوكه، فيركض مسرعًا نحو لويس، ويُجرده من تنكره إذ يأخذ السيف الذي كان يحمله لويس داخل الغمد ويعرضه على الجميع فيكتشفون أن الأمير ألبريشت ولويس هما شخص واحد فقط. 

تشعر جيزيل بالخيانة، وأن حبها كان مجرد كذبة، فتفقد صوابها من هول الصدمة. تحاول قتل نفسها بسيف ألبريشت بشكل مأساوي ثم فجأة تُصاب بهستيريا وانفعالات تشنُّجية هذيان ثم تسقط ميتة بعد أن فُطرت / مزقت الخيانة قلبها، وقبل وفاتها كانت أغنية زهرة الأقحوانات تطاردها كما لو أنها تعاتبها قائلة: «لقد أخبرناكِ أنه لا يحبك» (كانت الزهرة قد نبّأت بحقيقة مشاعره نحوها لكن جيزيل تجاهلت ذلك).
الفصل الثاني (عالم القبور): جلس هيلاريون حزينًا على قبر جيزيل، ويدور حوله رفاقه الذين يحاولون إبعاده عن ذلك المكان المظلم لكنه لا يكترث لهم غارقٌ في وجعه، وفجأة تعلو الدهشة والفزع على وجوههم جميعًا من هول المشهد الذي حدث! فما هو هذا المشهد؟ وما القصة التي تكمن خلفه؟

حضرت الملكة ميرثا (الملكة المتحكمة بالويلز) مع وصيفاتها، ففجأة نهضت جيزيل من قبرها لترحب بالملكة، فقام الجميع يرقصون بفرحٍ وسرور لكن للأسف وقع هيلاريون تحت لعنة الويلز التي أجبرته على الرقص حتى أنهكته حتى الموت ثم أُلقي بجسده في البحيرة.

بعد ذلك جاء الأمير ألبريشت مملوءًا بالندم حاملاً الورود إلى قبر جيزيل، فيظهر شبحها فجأة فأثار ذلك دهشته وأعاد إلى ذهنه الفأل السيء الذي نبأته له وردة الأقحوان. حاول أن يحتضنها لكنه لم يستطع، فطلب السماح والعفو من الملكة ميرثا لكنها أكدت له أن قانون الويلز لا رجعة فيه. 

أمرت الملكة الويلز بالذهاب إليه، فحاصرنه وأجبرنه على الرقص، وفي تلك اللحظة توسلت جيزيل إلى الملكة أن تترك ألبريشت لكنها رفضت، فقررت جيزيل أن تكون درعَه الحامي، فشاركت الويلز الرقص طوال الليل لتساعده على مقاومة اللعنة والبقاء حيًا حتى شروق الشمس حيث تفقد الويلز قوتها مع أول خيوط الفجر.

مع الصباح عادت الويلز إلى قبورهن، وعادت جيزيل إلى قبرها بسلام إلى الأبد حيث جعلها حمايتها لألبريشت تفقد انتماءها للويلز، فانهار ألبريشت من الإرهاق على قبر جيزيل في غيبوبة يأس عميق الندم.

في إصدار أخرى تظهر له جيزيل بأعجوبة وتقوده إلى الصليب لتحميه من اللعنة، فتغضب الملكة ميرثا وتلقي تعويذة على جيزيل، فتبدأ بالرقص ببطء لا إرادي. يبتعد ألبريشت عن الصليب غير قادر على المقاومة، فيبدأ بالرقص معها وعندما يحل الصباح سريعًا تختفي الويلز فتشير جيزيل إلى ألبريشت نحو باثيلدي كأنها تخبره بأن رغبتها الأخيرة هي أن يتزوج من النبيلة الشابة ثم يمد يده إلى باثيلدي.

📝بِقلمي (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَ ارْزُقْنِي).

زُمردة

تعطُّشي لِلمعرِفةِ جعلنِي مُحِبة لِتَفسِيرِ ما أقرأُ.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الإِتّصال