اعْتادَ التاريخُ أن يشهدَ قضايا مزعجةً حقيقيةً لا يُمكنُ للعقلِ البشري أن يتصورَ فسادَها من روعتها ووحشيتها المُطلقة، ولهذا السبب لا تُغادرُ هذه القضايا أذهانَ الناس لعقودٍ طويلة إذ تتركُ في نفوسهم اندهاشًا أزليًا لا يزول، وفي هذه المقالة سنغوصُ بشكل أعمق في تفاصيلِ مقتلِ اليابانيةِ "جونكو فوروتا" تلك الفتاة المحاطة بالخرسانة لنكشف خفايا هذه المأساة المروعة التي هزت ضمير الإنسانية.
عام ١٩٨٨م في حي أداتشي بمدينة طوكيو في اليابان قامت مجموعة من الفتيان الحثالة باختطاف والاعتداء جنسيًا وجسديًا على فتاة قاصرة من المدرسة الثانوية بشكل متكرر لمدة أربعة وأربعين يومًا.
* تحذير: تحتوي هذه المقالة على أقوال ومعلومات عنيفة.
ماذا جرى بالضبط؟
عام ١٩٨٨م في يوم الخامس والعشرين من نوفمبر حوالي الساعة الثامنة والنصف مساءً كانت الفتاة جونكو فوروتا (الضحية التي تبلغ من العمر سبعة عشر عامًا / ولدت في ١٨ يناير ١٩٧١م) عائدة إلى منزلها على دراجتها بعد انتهاء دوامها الجزئي في مصنع لصب البلاستيك (كانت تعمل لتوفير المال لرحلة التخرج التي كانت تخطط لها) لكن يا لها من مأساة مشؤومة ففي ذلك اليوم، وأثناء عودتها صادفها الصبي ميانو هيروشي (الجاني الرئيسي الذي يبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا)، وكان برفقة ميناتو شينجي الذي يبلغ من العمر (خمسة عشر أو ستة عشر عامًا). أمر ميانو (ميناتو) بدفع جونكو من على دراجتها ثم الهروب من مكان الحادث قائلاً: «أركل تلك الفتاة، وسأقوم بالباقي» فرد ميناتو: «سأبذل قصارى جهدي وأركلها»، وبناءً على أوامر ميانو صدم ميناتو جونكو بركلة على الورك الأيمن للدراجة بقدمه اليسرى مما أفقدها توازنها وسقطت على ركبتيها بجانب الطريق (أصيبت بكدمات)، وفي تلك اللحظة ظهر ميانو هيروشي الذي ساعدها على النهوض (تظاهر بلطف بالمساعدة كفتى نبيل كأنه مجرد شاهد بريء على الهجوم) ثم عرض عليها أن يرافقها إلى منزلها بأمان قائلاً: «هل أنتِ بخير؟ إن ذلك الفتى منحرف ومشهور في هذه القرية لقد هددني بالسكين سابقًا! الوضع هنا خطير، هيا لنذهب معًا في طريق مختلف حتى لا يتبعكِ المُهاجم» فوافقت ولم تكن تعلم آنذاك أنه منتمي إلى الياكوزا.
مضيا معًا ببطءٍ نحو منزل جونكو سالكَين طريقًا مختلفًا، وبعد حوالي عشر دقائق من منزلها أمام مستودع مظلم مهجور فجأة أعلن ميانو هيروشي أنه عضو في الياكوزا. قال لها: «ستأتي سيارة بعد قليل سيقوم الياكوزا بتزييف حادثٍ من خلاله سيضربك بسيارته حتى الموت. كان من المفترض أصلاً أن تموتي، ولكن إذا قدمتِ نفسك لي "جسدكِ" نظرًا لأنك تشبهين حبيبتي، فسأجعلهم يعفون عنكِ» توسلت إليه قائلة: «من فضلك، لا تقتلني» ثم دفعها إلى داخل المستودع حيث اغتصبها (مهددًا إياها بقتلها وتهديد عائلتها إذا أصدرت أي صوت مؤكدًا أن أعضاء الياكوزا سيأتون في حال حدوث ذلك)، وبعد انتهائه نقلها إلى فندق قريب حيث اغتصبها مرة أخرى
![]() |
الفندق الذي أُخذت إليه جونكو فوروتا. |
ثم اتصل ميانو هيروشي بزملائه ليتفاخر بما فعله للتوّ بجونكو وهم : أوغورا يوزورو (البالغ من العمر سبعة عشر عامًا)، وياسوشي واتانابي (البالغ من العمر ستة أو سبعة عشر عامًا)، وميناتو شينجي (البالغ من العمر خمسة أو ستة عشرًا) الذين كانوا في ذلك الوقت يضربون المارّة أمام آلة البيع، فطلب أوغورا من ميانو ألا يترك الفتاة تغادر قائلاً: «دعنا نختطفها حتى يتمكن جميع أفراد العصابة من الحصول على دور معها، (نحتفظ بها كأسيرة، دمية جنسية)»، فوافق ميانو ثم حضر الفتية الثلاثة إلى الفندق (ياسوشي ويوزورو وميناتو)، وقاموا باغتصابها هناك، وبعد ذلك جروها خارج الفندق (تجولوا بها في المدينة سيرًا على الأقدام) وهم يواصلون تخويفها كلما مرت سيارة بالقرب منهم كان ميانو يصرخ قائلاً: «اختبئي! تلك سيارة ياكوزا قادمة من أجلك!» فتقفز جونكو من شدة الخوف ثم حوالي الساعة الثالثة صباحًا نقلوها إلى حديقة بالقرب من منزل ميناتو شينجي بينما عاد ميانو وميناتو إلى الفندق لتسليم مفتاح الغرفة أما الفتيان الآخرون الذين كانت جونكو معهم، ولتجنب البرد القارس أخذوها إلى منزل ميناتو شينجي الذي كان يعيش مع والديه، وهناك أُسِرت...
في هذه الأثناء كان والدَا فوروتا قلقين بشأن اختفاء ابنتهما، وبعد مرور يومين اتصلا بالشرطة بتاريخ السابع والعشرين من فبراير للإبلاغ عن شخص مفقود، وقد أخذا إجازة من العمل لتفتيش المدينة والبحث عنها، وبمجرد أن علمت العصابة بهذا البلاغ أجبروا جونكو يوم الثلاثين من نوفمبر على الاتصال بوالديها ثلاث مرات على مدار خمسة أيام باستخدام هواتف عمومية مختلفة مما صعّب على الشرطة تتبع مواقعهم. كان الهدف من هذه الاتصالات التظاهر بأن جونكو هربت ببساطة إلى منزل صديقة لها، ليطلب والدُها من الشرطة التوقف عن البحث عنها، وهو تمويه محكم، وبهذه الطريقة توقفت الشرطة عن متابعة القضية (مهددين إياها بأنه إذا أفشت شيئًا أو حاولت الهرب، فسوف يذهبون إلى مكان إقامتها المكتوب في دفتر ملاحظاتها ثم يُبلغون الياكوزا ليقتلوها هي وعائلتها) وبهذه الطريقة تُثبط عزيمة أي تحقيقات أخرى حول اختفائها ومحاولتها للفرار.


عندما أخذ الفتيان جونكو إلى منزل ميناتو شينجي أجبروها على التظاهر بأنها صديقة لأحدهم إذا ما سألها أهل المنزل عن سبب قدومها معهم (استقبلتها والدة ميناتو بلباقة ظاهرة) ثم صعد الفتيان وجونكو إلى الطابق العلوي (العلية) حيث بدأت محنتها الجديدة تحديدًا أجبروها على التعري طوال فترة إقامتها ثم قاموا بحلق شعر عانتها، وأجبروها على الاستمناء والرقص عاريةً على أنغام الموسيقى أثناء ضربهم لها، وبالإضافة إلى ذلك تعرّضت للاغتصاب الجماعي (مهبليًا وشرجيًا) ما لا يقلّ عن خمسمئة مرة على يد أكثر من مئة رجل إذ كان الفتيان يدعونهم بشكل روتيني إلى المنزل لهذا الغرض حتى بلغ عدد من تناوبوا / اعتدوا عليها في اليوم الواحد نحو اثني عشر شخصًا مختلفًا.
لم يكتفِ المعتدون المرضى بممارسة الاغتصاب الجماعي على الضحية، بل بالغوا في وحشيتهم مستمتعين بتعذيبها بطرق لا إنسانية مجرّدة من أي رحمة أو شفقة كانوا يتعمّدون إهانتها والتنمّر عليها مثل التبول عليها، والسخرية من حالتها إلى جانب إدخال أدوات غريبة ومؤذية في مواضعها الحساسة (المهبل والشرج) من بينها مقص، وقضيب حديدي، ومصباح كهربائي ساخن انفجر داخلها، وأسياخ حديدية، وإبر التحميص، وزجاجة، بل وحتى ألعاب نارية متفجّرة مما تسبب في تدمير مثانتها و أعضائها الداخلية بالكامل، وبسبب هذه الأضرار لم تعد قادرة على قضاء حاجتها أو المشي إلى دورة المياه، وكانت تضطر للزحف على الأرض لتلبية حاجاتها البيولوجية.
مع الوقت وبعد أن "فقد" الجناة اهتمامهم الجنسي بها لم يتوقفوا عن أذاها، بل تحوّل الأمر إلى تعذيبٍ عبثيّ هدفه التسلية كانوا يضربونها بوحشية وهم يغنون، ويشعلون السجائر ليحرقوا بها جفونها وأعضاءها التناسلية، ويسكبون عليها الشمع الساخن، و يعلّقونها من السقف كما تُعلّق أكياس الملاكمة ثم ينهالون عليها بالضرب باستخدام مضارب الغولف، والعصي المصنوعة من الخيزران، والقضبان الحديدية، بل وألقوا عليها معدات التمارين الثقيلة مما أدّى إلى تهشيم بطنها تمامًا.
تجاوز العنف ذلك إلى تمزيق جسدها مباشرة إذ استخدموا كماشة لبتر حلمة ثديها ثم ثقبوها بإبر الخياطة، وكانوا يمنعونها من الطعام ثم يجبِرونها على تناول الصراصير الحيّة، أو شرب خليط من الحليب والكحول، أو حتى بولها، وعندما كانت تتقيأ كانوا يعاقبونها بالضرب المبرح ثم يتبوّلون عليها، ويغمسون رأسها في المياه الباردة لإيقاظها بعد فقدانها للوعي، وفي ليالي الشتاء القارس كانوا يُجبرونها على النوم داخل الثلاجة أو على الشرفة رغم جروحها وتدهور حالتها الصحية.
معلومة: بعد أن فقدوا رغبتهم في مواصلة الاعتداء الجنسي عليها أقدموا على اختطاف امرأة أخرى تبلغ من العمر تسعة عشر عامًا، واعتدوا عليها جنسيًا قبل أن يطلقوا سراحها لاحقًا.

كانت جونكو تردد بخشوع: «من فضلكم توقفوا عن إزعاجي سأفعل أي شيء تطلبونه! أرجوكم دعوني أعود إلى البيت!»، وعندما غمرها الذعر صرخت مستجديةً أن يقتلها أحدهم وينهي معاناتها.
بعد نحو شهر في ٤ يناير ١٩٨٩م أجبروا الفتاة جونكو على اللعب معهم بلعبة الماهجونغ تلك اللعبة التي تشبه الدومينو في شكلها وروحها، فتفوقت عليهم بالفوز، فأشعل ذلك غضب الفتيان، وخصوصًا ميانو هيروشي الذي كان قد فشل فشلًا ذريعًا في اليوم السابق، وخسر أموالًا كثيرة (كان ميانو قد دبر مع أصحابه خطة مسبقة لإزعاجها وتحميلها مسؤولية خسارتهم، ولذلك أصروا على إجبارها على اللعب معهم).
لكي يُفرّغ عن غضبه بدأ بإزعاجها جسديًا لمدة ساعتين بدايةً سكبوا البول عليها، و صبوا سائل الولّاعة ثم أشعلوا النار في جسدها بعدها أجبروها على الوقوف، وضربوها بالتناوب ككيس ملاكمة على رأسها وكتفيها بالحديد (واحد من اليسار إلى اليمين، والآخر بالعكس) حتى سقطت وضربت رأسها بمشغل كاسيت، فبدأت تتشنج وترتجف ثم لكي يجبروها على الاستيقاظ أشعلوا النار في أجزاء من جسدها، فرشّوا عليها سائل الولّاعة والشمع الساخن في وجهها، ووضعوا شمعتين على جفونها حتى تدفق القيح منها (حاولت إطفاء الحريق، لكنها فقدت الوعي) فغطّوا أيديهم بأكياس بلاستيكية لمنع تلطخها بالدم أو الإصابة بأي أمراض من قيح جلدها العفِن، واستمروا في ضربها كما أسقطوا عدة مرات كرة التمرين الحديدية (الدمبل) التي تزن ١.٧٤ كجم على بطنها لكنها لم تستجب على الإطلاق ثم ربطوا كاحليها بشريط لاصق، وتوجهوا إلى الساونا الساعة العاشرة صباحًا.

بعد ظهر اليوم التالي في الخامس من يناير تلقى الفتيان اتصالًا من شقيق ميناتو الأكبر يُخبرهم بأن جونكو في حالة غريبة فاندفعوا جميعهم إلى المنزل، وبمجرد دخولهم الغرفة أدركوا بالفعل أنها قد فارقت الحياة (قبل أسبوعين فقط من عيد ميلادها الثامن عشر) فضحكوا بشكل هستيري أمامها ثم في وضح النهار استدعى ميانو هيروشي جميع شركائه إلى ساحة انتظار السيارات أمام المنزل ثم لفوا جسدها ببطانية ثم بأكياس سوداء، وربطوه بشريط لاصق، ووضعوه في حقيبة سفر.
بعد ذلك وضعوها في برميل سعته خمسة وخمسون جالونًا (كان هيروشي قد أحضره من مصنع بلاط حيث كان يعمل)، وصبوا فوقه الخرسانة أو الإسمنت الرطب، وفي حوالي الساعة الثامنة مساءً ألقوا البرميل في شاحنة إسمنت متجهة إلى طوكيو حيث تُرك في قطعة أرض فارغة تُستخدم كموقع لصيانة حديقة الشاطئ.
الشريط المسجّل: في حقيبة السفر التي وُضِعَت فيها "جثة جونكو" وضع ميانو بداخلها شريط فيديو للحلقة الأخيرة من مسلسل (Tonbo (Dragonfly حيث ادعى أن جونكو خلال فترة أسرها عنده ذكرت ندمها لعدم مشاهدتها لهذه الحلقة، ولهذا ومن أجل ألا تعود إلى الحياة على هيئة شبح لتطارده خوفًا منها وضع لها الكاسيت بالقرب منها.
حاولوا إلقاءها قرب نهر أياسه لكن أوغورا يوزور رفض ذلك قائلاً بخوف: «النهر قريب جدًا من منزلي لذا ظننتُ أنها قد تتحول إلى شبح».
هل حاولت جونكو الهرب؟ وهل حاول أحد مساعدتها؟ نعم لقد حاولت جونكو الهرب مرارًا وتكرارًا سواء عبر التوسل المستمر لعائلة آل ميناتو طلبًا للمساعدة إذ كان والدي هيروشي في البداية يشككان في سبب وجودها الدائم في منزلهما لكنهم لم يفعلوا شيئًا خوفًا على حياتهم من صلات شينجي بالياكوزا كما اعترفت والدة ميناتو بذلك، وأيضًا حاولت بوسائل أخرى مختلفة...
١) في ٢٧ نوفمبر : قابل ميانو صبيان جديدان (تيتسو ماكومارا وكويتشي إيهارا) بالقرب من متجر صغير، فدعاهما إلى منزل آل ميناتو، وعندما وصلا شاهدا جونكو ترتدي قميصًا ذا أكمام طويلة وتنورة سوداء التي سرقها ميانو قبل يومين، وللترويع بها وإرهابها تظاهر الصبيان بتناول دواء السعال كأنهما مخموريْن، ليختبروا رد فعل جونكو فصرخت جونكو وحاولت الهرب لكن الفتيان قفزا عليها وكشفا أن الأمر مجرد تمثيل (أمسكوا بها أرضًا وضغطوا على وجهها بوسادة لكتم صراخها) فسمعت والدة ميناتو شينجي في منتصف الليل صوت الصراخ (ضجيج) فذهبت لتتفقد الأمر لكن بما أن الأنوار كانت مطفأة عادت إلى غرفتها ثم صرخت جونكو مرة ثانية، فنهض الأب ليسألهم: «ماذا تفعلون؟» فأجاب ميناتو: «لا تقلق، لا شيء مهم يحدث وبسبب صراخها هذا غضب الفتيان واغتصبوها جماعيًا وهم يغطون فمها ثم ألقوا سائل الولاعه على فخذيها وساقيها، فأحرقوها بذلك لمدة ساعتين.

في ٣٠ نوفمبر: قدّمت جونكو نفسها لوالدة شينجي فأخبرتها الوالدة بأن الوقت متأخر و عليها العودة إلى منزلها لكن الأولاد قاموا بسحبها إلى الطابق العلوي بالقوة.
في الخامس من ديسمبر (بعد أيّامٍ من احتجازها): أثناء تنظيف الحمّام وجدت والدة شينجي فوطةً صحية في سلّة المهملات، فصعدت إلى الطابق الثاني لتفقّد الأمر، وهناك اكتشفت أن الفتاة لا تزال في المنزل رغم أن ميناتو كان قد أكّد لوالديه سابقًا أنها غادرت بالفعل، وبسبب ردودها الغريبة ظنّت والدة شينجي أن جونكو فتاة هاربة، فبدأت تسألها عن سبب عدم عودتها إلى منزلها لكن جونكو لم تُجب، وعندما سأل الأب ابنه شينجي عن الفتاة ليُعرّفه بها تجاهله ببساطة، واقتاد جونكو إلى الطابق العلوي دون أن يقدّم له أي تفسير.
في السادس من ديسمبر: في الصباح حاولت والدة شينجي طرد الفتيين (جو أوغورا و تاسوشي واتانابي) من منزلها لكنّهما لم يباليا بكلامها ولم يستمعا إليها، فاضطُرّت للاتصال بزوجها في مكان عمله لتطلب منه رقم هاتف منزل أوغورا ثم ذهبت إلى منزل جدة أوغورا الذي كان قريبًا من بيتها على أمل أن تطلب منها التدخّل والتصرّف مع الفتيين لكنها غادرت دون أن تقول شيئًا للجدة! ولأن الشكوك بدأت تساورها أكثر أخذت حقيبة جونكو وأعطتها لها قائلة: «هيا، عودي إلى منزلكِ باكرًا» لكن جونكو لم تذهب إذ كانت خائفة حينها قامت والدة شينجي بتسجيل رقم هاتف منزل جونكو الذي وجدته في الحقيبة ثم خرجت من المنزل واتصلت بذلك الرقم (عرّفت نفسها باسمٍ مزيف، وسألت عن جونكو) فأجابتها والدة جونكو قائلة: «جونكو ليست في المنزل».
* يُقال إن والدي شينجي قد سمحا لجونكو بالعودة إلى منزلها (قبل أن يكتشفا أنها مُحتجَزة) لكن شقيق شينجي الأكبر وأوغورا كانا خارج أسوار المنزل حين أمسكَا بها مجددًا وسجناها رغم توسلاتها، ومنذ ذلك الحين لم يحاول الوالدان مساعدتها إذ علما أن الفتيان قد أدركوا أنهما تواصلا مع أسرة الضحية، فاختارا تجاهل ما كانت تعانيه خوفًا على حياتهما بل إن ميناتو ضرب والدته لساعات بسبب تدخلها فيما لا يعنيها.
والدة ميناتو شينجي تخاطب جونكو: «متى تخطّطين للعودة إلى منزلك؟ لعلّ والدتك قلقة عليكِ! اتّصلي بها وأخبريها بأنكِ عائدة إلى البيت» / «لا بأس، لقد اتّصلتُ بها سابقًا» / «إذن دعيني أوصلكِ إلى منزلك» / «لا يمكنني العودة بمفردي» / «هل لديكِ مال لسيارة الأجرة؟ هل ترغبين أن أدفعه عنكِ؟» / «نعم من فضلكِ» / «إذن عودي الآن على الفور» / «حسنًا».
في ٧ ديسمبر: تسلّلت جونكو إلى الطابق السفلي سرًّا بينما كان الفتيان يأخذون قيلولة، وحاولت مُهاتفة الشرطة (للإبلاغ عمّا يحدث لها) لكن قبض عليها أوغورا (أغلق الهاتف قبل أن تتمكّن من قول شيء) إذ كان نائمًا بالقرب من الهاتف فاستيقظ عندما أحسّ بحركة بجانبه، فحاولت الشرطة إعادة الاتصال مرةً أخرى، فردّ أوغورا قائلًا إنه آسف لأن أخته اتصلت لهوًا (كمزحة) ثم أغلق الهاتف، وقام بإيقاظ الفتيان الآخرين.
توسلت جونكو: «سامحوني هذه المرّة فقط، لن أُعيد ذلك مرةً أخرى»، ولكن دون جدوى قاموا بإحراق جفونها، وأعضائها التناسلية، ويديها، وقدميها، وركبتيها، وساقيها بسائل الولّاعة (الشمع الساخن)، وعندما انطفأت النار أشعلوها مرارًا وتكرارًا، وكانت هذه آخر محاولة لها للهرب.
.jpg)
٢) في ١٤ ديسمبر (بعد عشرين يومًا من التعذيب): تفاخر أحد الصبية (من الخاطفين) بخطفهم وتعذيبهم لجونكو أمام شخص خارج المجموعة لذلك أبلغ ذلك الشخص أخاه بما حدث ليُساعدها، أو يُقال إن أحد الصبية الذين دعاهم ميانو إلى منزل ميناتو عندما رأى جونكو أبلغ أخاه عمّا رآه وهو يتباهى، ويُزعم أحيانًا أن الصبية الأشرار أجبروا الفتى الذي يتنمّرون عليه على اغتصاب فوروتا ففعل ذلك مُجبرًا ثم أخبر أخاه.
بكلتا الحالتين بعدما أخبر الفتى شقيقه قام الشقيق بإبلاغ والديه، واللذين بدورهم اتّصلوا بالشرطة لإبلاغهم بالأمر، ومع ذلك عندما وصلت الشرطة إلى منزل ميناتو للتأكد من البلاغ أنكر والدا ميناتو وجود أي فتاة في منزلهما، ولكي يُؤكّدا كلامهما ويُبعدا الشكوك عنهما عرضت العائلة بمكر على الشرطة أن تفتّش المنزل "بالطريقة التي ترضيهم" (بل أصروا ليُظهروا براءتهم) لكن الشرطة غادرت من دون تفتيش (رفضًا، ولم يُكلّفا نفسيهما عناء التحقق من الداخل!!).
فقدَ الضابطان لاحقًا وظيفتَيهما بعد أن انكشفت الحقيقة بسبب عدم اتّباعهما للبروتوكول.
كيف تعاملت الشُّرطة مع القضية (التحقيق والإدانة)؟
بعد حوالي ثلاثة أشهر وتحديدًا في التاسع والعشرين من مارس من العام التالي (١٩٨٩م) اكتشفت الشُّرطة جريمة مقتل "جونكو فوروتا" بشكل غير متوقَّع، ففي يوم الثالث والعشرين من يناير كان ضبّاط الشُّرطة يُحقِّقون في قضيّةٍ أخرى تتعلّق باغتصاب فتاة تبلغ من العمر تسعة عشر عامًا تبيّن لاحقًا أنّها إحدى ضحايا العصابة ذاتها التي اعتدت عليها وسرقتها في نوفمبر، وخلال محاولة استجواب (هيروشي ميانو وجو أوغورا) عثرت الشرطة بحوزتهما على ملابس داخلية نسائية، ولحسن الحظ وبسبب طريقة الضباط الماكرة في الاستجواب اعتقد ميانو خطأً أنّ الشرطة على علم بمقتل "جونكو" فقد ظنّ أن "أوغورا" لا بُدّ أن يكون قد اعترف بكلّ ما يتعلّق بوفاتها، ونتيجة لهذا الظنّ شرع دون قصد في إخبار الضبّاط عن مكان وجود جثّتها.
صُدم الضبّاط وارتبكوا من أقواله لكنّهم أخذوها على محمل الجد، وسارعوا إلى الموقع الذي دلّهم عليه هيروشي، وهناك عثروا على البرميل الذي احتوى على جثّة "جونكو". تمّ التعرّف عليها سريعًا من خلال بصمات أصابعها وأسنانها إذ كانت في حالةٍ جيّدة مقارنةً بمظهر جسدها المشوّه والمروّع.
* حين تمّ اكتشاف الجثة في موقع الجريمة لم يتمالك أغلبُ المحققين أنفسهم فبعضُهم تقيّأ من هول المشهد، وبعضهم أُغمي عليه من شدّة الصدمة، وآخرون لم يملكوا سوى البكاء، وفي المقابل في مشهد لا يقلّ انحدارًا عن الجريمة ذاتها اصطّف عدد كبير من المحامين طواعيةً للدفاع عن القتلة ليس بدافع الرحمة أو الإيمان بالعدالة، بل مقابل مبالغ مالية ضخمة كأنهم اشتروا صمت ضمائرهم بدم فتاة بريئة.

وفي غضون أيام وتحديدًا في الأول من أبريل تم إلقاء القبض على أوغورا بتهمة الاعتداء الجنسي وقتل جونكو ثم تلا ذلك اعتقال ميناتو وواتانابي إلى جانب شقيق ميناتو والعديد من الأشخاص الآخرين الذين شاركوا في الاغتصاب بعد العثور على أحماضهم النووية على جسد جونكو وداخلها.
* أقر المتهمون بالذنب في ارتكاب إصابات بدنية أدت إلى الوفاة وليس القتل، وحُكم بموجب ذلك على ميانو بالسجن لمدة عشرين عامًا (كان من المقرر الحكم عليه بسبعة عشر عامًا لكنه حاول استئناف الحكم، فزاد القاضي العقوبة ثلاث سنوات) أما ميناتو فحُكم عليه بالسجن لمدة تتراوح بين خمس إلى تسع سنوات، وأوغورا بالسجن لمدة ثماني سنوات في مركز احتجاز الأحداث، وحُكم على ياسوشي واتانابي بالسجن لمدة تتراوح بين خمس إلى سبع سنوات (عقوباتهم كانت مخففة نسبيًا باعتبارهم قاصرين) أما الآن فقد توفي بعضهم، وللأسف الباقون أحرار.
**وفقًا لسجلات المحكمة كان هناك في الواقع حوالي مئة مجرم آخرين مشاركين في هذه القضية، ولكن نظرًا لأنهم لم يشاركوا بشكل مباشر في الجريمة انتهى بهم الأمر بعقوبات خفيفة لا تُذكر كأنهم ظلوا في الظل بعيدًا عن أضواء العدالة، وللعلم لم يُتهم والدا ميناتو ولا شقيقه بأي جرائم، وأثبت التقييم النفسي الذي أمرت به المحكمة خلال المحاكمة أن ميانو يعاني من إعاقة في التعلم، لم تؤثر على وظائف دماغه لكنها أخرت نموه العاطفي.
تعويضٌ متأخر لعائلة فوروتا: رفعت عائلة فوروتا دعوى مدنية ضد عائلة ميناتو التي وقعت الجرائم في منزلها بعدما أُصيبوا بالذهول والغضب من الحكم المخفف الذي صدر بحق ابنهم، وقد كُتبت للعائلة المكلومة كلمة "انتصار" صغيرة وسط فاجعة كبرى إذ كسبت القضية وحصلت بموجبها على تعويضٍ مالي قُدّر بخمسين مليون ين دفعتها عائلة ميناتو بعد أن اضطرت لبيع منزلها، وصدر كذلك حكمٌ على والدي يوزورو أوغورا يقضي بدفع نفقة تُقدّر بخمسمائة ألف ين غير أنهما لم يتمكنا من الوفاء بالمبلغ إذ قام ابنهما المجرم بسرقة المال وإنفاقه على شراء شقّة وسيارة فاخرة في مشهد سريالي بارد لا يعرف الندم طريقًا إلى قلبه.
نتائج التشريح وشهادات المحكمة:
كشفت نتائج التشريح أن جونكو فوروتا كانت قد تعرّضت لحروق وكسور في العظام منتشرة في جميع أنحاء جسدها، بالإضافة إلى تلف شديد في عضلاتها وأسنانها كما أُصيب وجهها بتشوّه بالغ نتيجة الضرب الوحشي علاوةً على ذلك تبيّن أنها كانت حاملاً وقت وفاتها، وقد افترض الطبّ الشرعي أن سبب الوفاة كان صدمة شديدة ناجمة عن الضرب المبرّح إضافةً إلى الاختناق الناتج عن القيء الذي تراكم في معدتها.
أما في المحكمة فقد زعم الجُناة أنهم لم يدركوا خطورة إصاباتها، وادّعوا أنهم لم يعتبروها إنسانة، بل ظنّوا أنها تتظاهر بالمرض. قال أحدهم في إفادته: «كانت جونكو مجرد فتاة سيئة الحظ، ولأنها حمقاء أمسكناها»، وأضاف آخر ببرود قاتل: «الآن حين أنظر إلى ما حدث لا أظن أنني فكرت فيها كإنسانة»، وعندما سُئلوا عمّا كانت تُردده جونكو طوال فترة تعذيبها أجابوا جميعًا: «هل يمكنني الآن العودة إلى المنزل؟» بل إن أحدهم تجرأ على توبيخ المراسلين وشتمهم قائلًا: «ألا تخجلون من جرّ الناس المظلومين بهذه الطريقة؟» ثم أجهش بالبكاء مضيفًا: «هذه ليست دموع ندم، بل دموع شفقة على نفسي لأنني قُبض عليّ كالأحمق!».
* في قاعة المحكمة عُرض شريط فيديو صادم وثّقه الفتية بأنفسهم أثناء اغتصابهم لجونكو، وما إن بدأ عرضه حتى اعتلت أصوات الصراخ أرجاء القاعة، وفقد بعض أعضاء هيئة المحلفين وعيهم أو تقيأوا أو انفجروا في بكاءٍ هستيري من هول ما رأوه .
نبذة عن حياة الضحية والجاني قبل الحادثة: كانت جونكو فوروتا الفتاة اليابانية الوديعة ابنةً مُحبة وأختًا عطوفة تنتمي إلى أسرةٍ بسيطة مكوّنة من والدين وشقيقين أحدهما أكبر منها، والآخر أصغر. اشتهرت في مدرستها الثانوية "ياشيو مينامي" بتفوقها الدراسي، وجمالها الهادئ، وذكائها الأخلاقي إلى جانب أدبها الجم وطيبة قلبها، لم تكن تُدخن، ولم تتعاطَ المشروبات، بل كانت تحرص على الابتعاد عن رفاق السوء و المشكلات كانت فتاةً تحلم مثل أي مراهقة بريئة، وكان حلمها البسيط أن تصبح مغنية. في المقابل كان ميانو هيروشي أحد زملائها في المدرسة معروفًا بين الطلبة بكونه زعيم المتنمّرين، وصاحب صلات مشبوهة بعصابات الياكوزا، أُعجب بجونكو وأبدى اهتمامًا بها، بل دعاها للخروج معه في موعد لكنها رفضت عرضه بلطفٍ ولباقة غير أن هذا الرفض الجريء تحوّل إلى شرارةٍ أشعلت فيه طوفان الانتقام (أخذ ميانو الأمر على محمل شخصي وامتلأ قلبه بنية الانتقام منها...) وبعد أيامٍ فقط من هذا الرفض بدأ يستهدفها بشكلٍ متعمّد، ليقودها إلى جحيم لم يكن ليدور ببال أحد.

تضاربت الروايات حول هوية الفتى الذي طلب من جونكو مواعدته فبعض المصادر تُشير إلى أن ميانو هو من بادر بطلب المواعدة في حين تزعم مصادر يابانية أن ميناتو هو من فعل ذلك، وتذهب روايات أخرى إلى أن ميانو انفجر غضبًا بعدما رفضت جونكو مواعدة صديقه ميناتو معتبرًا الأمر إهانة لكرامته.
يُشاع وفقًا لأقوال حبيب جونكو (جونكو كانت تواعده عام ١٩٨٧م)، وهو رجل يكبرها بست سنوات يبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا يُدعى أو يحمل الاسم المستعار "كاوامورا،" ويعمل كعامل بناء، وقد رافقهما هيروشي خلال العطلة الصيفية، ولهذا السبب رفضت جونكو طلب الموعد.
عندما أخبر هيروشي جونكو بأن الفتى ميناتو شينجي معجب بها وسألها لماذا لا تخرج معه ردت جونكو قائلة: «من الصعب مواعدة أكثر من رجل واحد حتى أتخرج من المدرسة الثانوية» فما كان من هيروشي إلا أن انزعج وقال لها بتحدٍّ: «سأدعك تعلّمينني!»
وسائل الإعلام:
بشكلٍ فظيع وهمجي وقبل انعقاد المحاكمة أقدمت بعض وسائل الإعلام على نشر مقالات مُسيئة عمدًا بحق جونكو تضمّنت اتهامات تطعن في سمعتها وسلوكها مدّعية أنها فتاة منحرفة وعضو في عصابة جانحة، ولم تكتفِ بذلك بل قامت بنشر اسمها الكامل، وعنوان سكنها، ومعلوماتها الشخصية، بل وأرفقت صورًا لها بملابس سباحة أو سراويل قصيرة في انتهاك صارخ لخصوصيتها وكرامتها.

سجلهم الإجرامي: شارك هؤلاء الفتيان أو بالأحرى هذه العصابة في ارتكاب العديد من الجرائم من بينها سرقة الحقائب، والابتزاز، وسلسلة طويلة من جرائم الاغتصاب الجماعي حيث وقع عدد من الضحايا في شِباكهم، ومع ذلك انتهى الأمر بإطلاق سراحهم إذ لم تُبلّغ معظم الضحايا عن الجرائم التي تعرّضن لها، فظلّت تلك الأفعال طيّ الكتمان دون محاسبة.
ردُّ فعلِ أهلِ الضحيّة بعد اكتشاف هول ما مرت به ابنتهم:
لم يكن لهم طاقة على الاحتمال فحين وقعت أعينهم على جسد جونكو المُشوَّه بشدّة خارت قواهم وانهارت أرواحهم أما والدتها، فلم تحتمل هول الحقيقة حين علمت بالتفاصيل الكاملة لتلك الفظائع التي كابدتها ابنتها، فوقعت في صدمةٍ نفسيةٍ عميقة لدرجةٍ شاع بين الناس أنها ربما قد أقدمت على الانتحار أما والدها فقد حاول أن يتمالك نفسه قدر المستطاع عند سماعه بتلك الجرائم التي تعرّضت لها فلذة كبده، فلم تدمع عيناه... حتى جاء اليوم الذي بدأت فيه الصحافة بنشر معلوماتٍ شخصية عن ابنته الراحلة عندها انهار باكيًا عاجزًا عن الكتمان متوسلًا إلى وسائل الإعلام أن تكفَّ عن إفشاء خصوصياتها قال بانكسار:«أينما ذهبت يُمطرني الناس (معارفَ وغرباء) بالأسئلة عن ابنتي الميتة، المعارفُ على الأقل يُبدون شيئًا من المواساة بعد أسئلتهم أما الصحافيون والغرباء فلا يُبدون إلا فضولًا قاسيًا لا يعرف الرحمة، ولا يفهم معنى الفقد».

ردُّ فعلِ أُسرِ الجُناة بعد انكشافِ الجريمة كاملةً:
كان وقعُ الجريمة كالصاعقة على والدي هيروشي ميانو فما إن أدركا حجم الفظائع التي اقترفها ابنهما حتى أُصيبا بصدمةٍ شديدة، وسرعان ما باعا منزلهما الذي شهد التعذيب الوحشي إلى جانب ممتلكاتهما، وقرّرا عرض خمسين مليون ين ياباني على والدي جونكو ليس تعويضًا بل محاولةً يائسةً لطلب المغفرة غير أن والدي جونكو المكلومَين رفضا ذلك العرض رفضًا قاطعًا خشيةَ أن يُفهم كنوعٍ من التسوية أو التنازل عن العدالة، ورغم الإصرار من والدي هيروشي معتبرين أن هذه الأموال تمثل "الطريق الوحيدة للاعتذار" ظل الرفض من جانب عائلة الضحية حاسمًا وثابتًا.
بعد فترة تصدعت العائلة المفجوعة بالجاني، فانفصل والد ووالدة هيروشي طلاقًا جاء على إثر خيانةٍ زوجية وكذلك الأمر مع والدي يوزورو أوغورا الذين ساروا على ذات الطريق لكن الموقف الأشد قسوة كان من والدي يوزورو أوغورا واللذين لم يُظهرا أي محاولة للاعتذار أو حتى للتعاطف فقد اكتفيا بالصمت البارد قائلين: «لا تعليق» أما والدته (إيتسوكو) فقد بلغت بها القسوة حدًا غير متوقع إذ توجّهت إلى قبر جونكو في لحظةٍ من الغضب الأعمى، ودمرته بيديها صارخةً: «كل هذا بسبب جونكو! لقد دمّرت حياة ابني!» وأمام هذا الانتهاك الأخير لكرامة الميتة لم تجد عائلة جونكو خيارًا سوى نقل قبر ابنتهم إلى موقعٍ آخر بعيد عن أعين العامة مُغلقٍ في وجه كل من تسوّل له نفسه أن يدنسه مجددًا.
صرّح والدا شينجي ميناتو قائلين: «كنا نعلم طوال الوقت أن الفتاة كانت في الطابق الثاني من منزلنا، وبذلنا ما بوسعنا لإقناعها بالعودة إلى منزلها لكننا كنا نخشى ابننا» ثم أضاف الوالد: «لم أتخيل أن الأمر بلغ هذا الحد، فقد شعرت بالعجز، ولم أشك في أنهم أعادوها بالفعل» ورغم تلك التصريحات فقد لاحظ ضباط الشرطة حين حضورهم لجمع الأدلة أن الأرضية، والجدران، وستائر الشرفة في الغرفة التي احتُجزت فيها جونكو كانت تبدو جديدة كليًا، وكأنها قد تم شراؤها مؤخرًا أو تنظيفها بعناية مريبة مما أثار الشكوك حول محاولة طمس معالم الجريمة. أما خطيبة هيروشي ميانو التي كانت شقيقة ياسوشي واتانابي الكبرى فقد صرّحت بقولها: «لو كنت أعلم أن جونكو فوروتا كانت محتجزة في ذلك المنزل لكنت فعلت المستحيل لإنقاذها. لم تكن لديّ أي فكرة عما كان يجري هناك» ثم ما لبثت أن فسخت خطبتها منه بعد انكشاف بشاعة ما اقترفه.
الجنازة:
أُقيمت جنازة جونكو رسميًّا في منزل والديها (منزل جونكو) يوم الأحد بتاريخ الثاني من أبريل بحضور زملائها من المدرسة، وعائلتها، وأقاربها، والعديد من الصحفيين. في حفل التأبين قرأ أحد أصدقائها كلمة التأبين التي كُتبت من قِبَل جميع طلبة فصلها البالغ عددهم سبعة وأربعين (الثامن فرقة ثلاثة): «جون تشان، أهلًا بك من جديد! لم أحلم قط حتى في أعنف أحلامي أننا سنلتقي مرةً أخرى بهذه الطريقة. هل أنتِ مريضة؟ هل كان ذلك مؤلمًا؟ لا بد أنكِ كنتِ في الكثير من الألم... الكثير من المعاناة! أنا غاضب من نفسي لأنني أعيش حياتي دون أن أعرف أي شيء مما حصل معك! كنتِ دائمًا هادئة ومشرقة لقد بدت الزينة التي صنعناها جميعًا لمهرجان المدرسة رائعة عليك حقًّا. لن ننساكِ أبدًا، ولن ندع موتكِ يذهب سدى كأعضاء في المجتمع سنبذل قصارى جهدنا لنعيش يومًا سلميًّا خاليًا من الجرائم المروعة ، وسنبذل قصارى جهدنا أيضًا للتفكير فيك فقد بذلتِ جهدكِ لتعيشي حياتك دون أن تشعري بالإحباط حتى عندما كانت الأمور صعبة عليك. يبدو أن مدير المدرسة قد أرسل لكِ شهادة تخرجك مع مرتبة الشرف في أوائل أبريل! لذا تخرجنا جميعًا معًا! جون تشان لم يعُد هناك أي ألم أو معاناة بعد الآن. ارقدي بسلام، وداعًا... نرجو أن تنامي جيدًا».
قدّم صاحب عملها لوالديها الزيّ الذي كانت سترتديه في وظيفتها الجديدة التي قُبلت بها في متجر الإلكترونيات، وقد وُضع هذا الزيّ في نعشها أما الموقع الذي اكتُشفت فيه جثة جونكو فقد تم تطويره منذ ذلك الحين، وهو الآن حديقة جميلة بجوار النهر.
ما الذي فعلته المحكمة اليابانية؟ حجبت أسماء الخاطفين الأربعة الرئيسيين باعتبارهم قُصّرًا، ولأن لهم علاقات مع الياكوزا، وقد أُشير إليهم ببساطة بالحروف: أ، و، ج، د. حتى الضحية أُشير إليها بالرمز (ي)، ومع ذلك قام بعض الصحفيين من مجلة "شوكان بونشون" بالتحقيق في هوياتهم قائلين باختصار: «قررنا أن الحيوانات لا تتمتع بحقوق الإنسان، ولا يستحقون الدفاع عنهم أو إخفاء هوياتهم. حقوق الإنسان ليست ضرورية للوحوش»، وللأسف أُسقطت هوية الضحية معهم، ونُشرت في كل صحيفة وبرنامج تلفزيوني ياباني.
حديثًا: هيروشي ميانو غيّر اسمه إلى هيروشي يوكوياما أما نو أوغورا غيّر اسمه إلى جو كاميساكو أما شينجي ميناتو غيّر اسمه إلى نوبوهارو ميناتو أما ياسوشي واتانابي فلم تُعرف هويته الجديدة أما ميناتو فعاد بعد إطلاق سراحه من السجن للعيش مع والدته ثم تزوج عام ٢٠١٠م وأنجب فتاة لكن بسبب العنف الأسري انفصل عن زوجته (كان لديه حساب على "تويتر" مشهور زعم فيه أن جريمة قتله لجونكو كانت حادثة مُخزية في طفولته، وأن والديه هما المسؤولان عنها) ثم في عام ٢٠١٨م قُبض عليه مجددًا بتهمة الاشتباه في القتل إذ ضرب رجلًا يبلغ من العمر اثنين وثلاثين عامًا بقضيب معدني، وقطع حلقه بسكين أثناء نزاع على مكان لوقوف السيارات، وفي عام ٢٠١٩م حُكم عليه بالسجن لمدة عام وستة أشهر مع وقف التنفيذ لثلاث سنوات.
أما أوغورا فقد أُدين عام ٢٠٠٤م بسبع سنوات سجنًا لمحاولته قتل أحد معارفه إذ كان يعتقد أن صديقته على علاقة به، فتعقبه وضربه ودفعه إلى شاحنة (كان يتباهى بما فعله بجونكو) أما ياسوشي واتانابي فلم يعُد إلى السجن بعد إطلاق سراحه عام ١٩٩٦م.
![]() |
(ميانو هيروشي) في عام ٢٠١٣م بعد أربع سنوات من إطلاق سراح ميانو في عام ٢٠٠٩م بعد قضاء عقوبته أُلقي القبض عليه مجددًا بتهمة الاحتيال الإلكتروني لكن وبسبب نقص الأدلة أُطلق سراحه في نفس الشهر. |
![]() |
ميناتو نوبوهار |