مساكة الأحلام أو صائدة الأحلام هي طوق تميمة سحرية / تعويذة ارتبطت بثقافة الهنود الأمريكيين الأصليين. نشأت في البداية على يد قبيلة الأوجيبوي (تشيبيوا) ثم امتدت إلى مناطق كندا وأمريكا الشمالية، ومع مرور الوقت بفعل التزاوج والتجارة مع القبائل الأخرى انتشرت أسطورة مساكة الأحلام حتى أصبحت جزءًا من ثقافات مختلفة مثل قبيلة لاكوتا التي ابتكرت تقاليد خاصة بها حولها، ورغم اختلاف الأساطير يبقى المعنى المشترك بينها واحدًا تقريبًا، فما هي الخرافات والأساطير التي تحيط بمساكة الأحلام؟
أولًا) أسطورة شعب قبيلة أوجيبوي:
١) يُحكى أن هناك امرأة غامضة تُلقب بـ"المرأة العنكبوتية" (أسيبيكااشي) وهي التي كانت تحمي قبيلة الأوجيبوي روحيًا خاصة الأطفال الصغار وحديثي الولادة، ومع توسع القبيلة وانتقالها إلى أراضٍ بعيدة أصبح من الصعب على "المرأة العنكبوتية" توفير الحماية لجميع أفراد القبيلة لذا صنعت مسّاكة الأحلام من أجلهم، وبإلهام منها اقتدت الأمهات والجدات وقمن بصناعتها لحماية أطفالهن وعائلاتهن عن بُعد.
٢) يُحكى أنه بينما كانت الجدة تراقب العنكبوت وهي تنسج شبكتها فوق مكان نومها لاحظ حفيدها ذلك فحاول قتلها لكن الجدة أخبرته بنبرة هادئة أن لا يؤذيها، فـرد الحفيد قائلاً: "لكن جدتي... لا ينبغي عليكِ حماية هذا العنكبوت مني"، ثم غادر الحفيد فتشكرت العنكبوت الجدة على حمايتها لها وقدمت لها هدية قائلة: "سأنسج لكِ شبكة معلقّة بينكِ وبين القمر حتى عندما تحلمين ستصطاد الأفكار السيئة وتبعدها عنكِ" ففرحت الجدة واستمرت في مراقبة العنكبوت وهي تغزل شبكتها.
**يعتقد الأوجيبوي أن هواء الليل مليء بالأحلام الجيدة والسيئة، وبما أن الأحلام مهمة جدًا خاصة في حياة الأطفال حيث تؤثر على سمات الشخصية تم تكليف النساء بصُنع صائدات الأحلام يدويًا (تمائم وقائية) لحماية أسرهن وأطفالهن وأحفادهن من الأحلام المظلمة السلبية والكوابيس، لضمان تلقيهم الأحلام الجيدة. يؤمن الأوجيبوي أن فعالية صائدات الأحلام تشمل أيضًا البالغين، ففي معتقداتهم تقوم ماسكة الأحلام بتمرير الأحلام الجيدة عبر خيوطها التي تنزلق على الريش لتصل إلى النائم بحيث تمر عبر الفتحة المركزية، كما لو أنها تتسلل عبر الثقوب أما الأحلام السيئة فهي تُحاصر في الشبكة وتختفي مع شروق الشمس حيث تتدمّر أو تُحرق بفضل أشعة الشمس، ولذلك يتم تعليق ماسكة الأحلام في المكان الشرقي من المنزل أو في أي مكان يدخل إليه ضوء الشمس فوق منطقة نوم العائلة (على السرير) أو على طوق مهد الطفل أو على نافذة الغرفة بحيث تتلقى ضوء الشمس، وإذا لم يسقط ضوء الشمس على ماسكة الأحلام، فإن كل الشر الذي عليها سيتراكم بداخلها، فينتقل في النهاية إلى الشخص في المنام.
ثانيًا) أسطورة قبيلة لاكوتا:
يُحكى أن أحد زعماء عشيرة داكوتا كان ضائعًا في أفكاره على أحد الجبال المرتفعة. أثناء تأمله ظهر له الإله "إيكتومي" على شكل عنكبوت (وهو روح قبيلة لاكوتا ويُلقب بالمحتال ذو الحكمة العظيمة)، وتحدث معه بلغة مقدسة لا يفهمها إلا القادة الروحيون في لاكوتا متناولًا مواضيع مثل دورات الحياة وأسرار الولادة والموت.
بينما كان إيكتومي يتحدث مع الزعيم أخذ طوق الصفصاف الخاص به الذي كان مزينًا بالريش والشعر والخرز، وبدأ في غزل شبكة داخل الطوق، وأحيانًا يُقال إن إيكتومي العنكبوت مزق من نفسه فرعًا من شجرة الصفصاف، وثناه ليصبح دائرة ثم صنع بداخله شبكته بخيوط ذات ألوان زاهية.
ثم قال إيكتومي: "في كل وقت من الحياة هناك قوى كثيرة بعضها جيد وبعضها سيئ. إذا سرتَ مع قوى الخير فإنها ستوجهك إلى الطريق الصحيح، لكن إذا سرتَ مع قوى الشر فإنها ستؤذيك وتضللك".
وعندما انتهى من غزل الشبكة أعطى الزعيم الطوق قائلاً له: "انظر هذه الشبكة عبارة عن دائرة كاملة، وهناك ثقب في الوسط استخدم هذا الثقب لمساعدة نفسك وشعبك إذا كنتم تؤمنون بالروح العظيمة ستلتقط هذه الشبكة أفكاركم الجيدة، وستتبدد الأفكار السيئة من خلال الفتحة الموجودة في الوسط"، فأخذ
الزعيم نصيحة إيكتومي بعين الاعتبار، وشارك شعبه هذه الحكمة، وصنعوا
الكثير من ماسكات الأحلام وعلقوها فوق وسائدهم أو على أسرتهم أو بالقرب من
الأبواب.
*لتحقيق مستقبل مشرق يُعتقد أن ماسكة الأحلام تلتقط الأحلام والأفكار الطيبة التي تذروها رياح الليل إلى الفرد بينما تسقط الأحلام والأفكار والأرواح السيئة داخل ثقب المركز فلا تمر إلى الشخص ولا تزعجه. يُقال إن هذه الأحلام السيئة تدخل في متاهة داخل الشبكة ولا يعود لها وجود مما يساعد على إزالة الطاقة السلبية، وبالتالي تحقق السلام الروحي وتزيل الأرق، وهذا المعتقد يختلف عن معتقد الأوجيبوي حيث يعتقدون أن الأحلام السيئة تُحتجز في الشبكة وتختفي مع شروق الشمس بينما في هذا المعتقد يُعتقد أن الطاقة السلبية تختفي بشكل دائم عند دخولها الشبكة.
ثالثًا) الشامان في سيبيريا:
يُعتقد أن الشامان كانوا أول من استخدموا صائدة الأحلام، كونها ساعدتهم في التقاط الأرواح الشريرة والتنبؤ بالمستقبل.
كيف يتم صنع صائدة الأحلام؟
تُصنع صائدة الأحلام تقليديًا من مواد طبيعية؛ الطوق من غصن الصفصاف، وألياف نبات القراص أو العصب، والزخارف مثل الخرز أو الريش أو فراء الأرانب، ورغم تشابه الشكل العام لصائدة الأحلام إلا أن تزيينها يختلف من ثقافة إلى أخرى.
📝بِقلمي (اللهم اجعل لنا في كل خطوةٍ بركة، وفي كل يومٍ نصيبًا من الخير، واجعل أيامنا مليئةً بالأمل، وقلوبنا عامرةً بالسكينة، وارزقنا من فضلك ما يعيننا على طاعتك).