ملخّص رواية قبل العملية : من الواقع إلى الحُلم قصة وون يونغ
الناشر : زُمردة-
هي روايةٌ كلاسيكيّةٌ رومانسيةٌ تراجيدية تمّ إنشاؤها في النصف الأول من القرن السابع عشر من قِبَل مؤلِّفٍ غير معروف، وتدور حول المصير المأساوي للحبّ الذي لا يمكن تحقيقه ما بين سيّدة البلاط وونيونغ، والباحث الكونفوشيوسي جينسا كيم في قصر سوسونغ الخاضع للرقابة الصارمة من قِبَل الأمير أنبيونغ.
تُعرف الرواية بأسماءٍ عدّة، منها: "قبل العملية" أو "سجلّ رحلة أحلام قصر سوسونغ" أو"قصة وون يونغ" وتُسمّى أيضًا أونيونغجون .
* الروايةُ محفوظةٌ على هيئة مخطوطاتٍ مكتوبةٍ باللغتين الصينية والكورية، وتوجد منها سبعٌ وثلاثون نسخةً مختلفة تتباين فيما بينها باختلافاتٍ جزئيةٍ طفيفة بينما تحتفظ الحبكة الرئيسية بتركيبتها الجوهرية ذاتها تقريبًا، ويُرجّح أن النسخة الصينية هي الأصل، ومنها استُلهمت الترجمة الكورية.
الحكاية تبدأ حينما يذهب الباحث يو يونغ إلى"قصر سوسونغ" القصر السابق
للأمير أنبيونغ (الابن الثالث للملك سيجونغ)، ليتمتّع بجمال المناظر فيه معتقدًا أن الحرب لم تُخلّف فيه أثرًا لكنّ ظنونه تخيب إذ يجد المكان قد
آل إلى الخراب، فانهارت أسواره، واختفت منازله، وتحوّل إلى أنقاض بعد تمرّد
جيوجيونغ وحرب إيمجين، فينتقل يو يونغ إلى الحديقة الغربية ليؤلّف شعرًا، وهناك تثقله الكآبة، فيغفو سكرانًا تحت وطأة الحزن.
في حلمه يستيقظ يو يونغ ليلًا، فيجد نفسه أمام شاب وسيم يُدعى "جينسا
كيم"، وامرأة فاتنة تُدعى "وونيونغ" يجلسان مقابل بعضهما البعض. كانت المرأة
تدندن بشجن: «بالرغم من أنّنا لم ننهِ علاقتنا، لم تكن
هناك وسيلة للقاء ذلك الحب الذي جمعنا، فهل كان حلمًا؟ كم من الإهانات
تعرّضتُ لها؟ لقد تلاشى الماضي بالفعل وصار غبارًا».
ينضمّ إليهما يو يونغ بعد أن رحّبا به بحرارة، وجلس الثلاثة يشربون
النبيذ ويغنّون ثم يسأل يو يونغ عن سبب الحزن الواضح في ملامحهما، فيقول: «النغمة واضحة، ولكن معناها مفجع... ما هذا الحزن؟ ما هذا الاستياء العميق؟ ولماذا تبكينِ بحُزنٍ جليّ؟» ثمّ بدأ يستفسر عمّا حدث للأمير أنبيونغ، فتبدأ وونيونغ بسرد حكايتها الحزينة التالية:
المشهد الأول: سُلطة مُطلقة وحُب مُقيّد
غادر الأمير الكبير "أَنبيونغ" الابن الثالث للملك العظيم "سيجونغ" قصر والده في سن الثالثة عشرة، وانتقل ليقيم في قصره الخاص (قصر سوسونغ) حيث تمكّن من ممارسة سلطته المطلقة دون رقيب. كان يُعرف بذكائه المتوقد، وأشتهر بتمتُعِهِ بمستوى فكري عالٍ و بحبّه العميق للكتب، وشغفه بكتابة الشعر، وكان خطّه جميلاً بشكل استثنائي حتى إنّه أمر ببناء جناح أنيق خاصّ يُقيم فيه أمسيات شعريّة ويجمع حوله أهل العلم والأدب، وقد اختار أو بالأحرى اشترى عشر فتيات شابات باهرات الجمال ليكنّ ضمن بلاطه الخاص، ومن بينهنّ كانت "وونيونغ". أمر بتدريبهنّ تدريبًا صارمًا على الغناء و الرقص وفنون الخط ثمّ احتفظ بهنّ في قصره ليأنس بهنّ وحده إذ كان يعتبرهنّ ملكًا خاصًّا له يعتزّ بهن جميعًا. بلغ به الأمر أن منع ذكر أسمائهنّ خارج حدود القصر (طيّ الكتمان)، وألزمهنّ بطاعة قوانينه دون اعتراض فبصفتهنّ "سيدات البلاط" لم يُسمح لهنّ أن يعشن كما يشأن، بل فُرض عليهنّ أن يكرسن وجودهنّ لخدمته وحده، وأن لا يُحببنَ رجلاً من خارج العائلة الملكية، ولا يُغادرن القصر قطّ.
المشهد الثاني: لقاء المصير
في أحد الأيام حضر الباحث جينسا كيم صدفةً إلى أحد
المجالس الشعرية التي نظمها الأمير. رحّب به الأمير وسمح له بالجلوس مع
سيدات البلاط حينها انجذبت وونيونغ إليه من النظرة الأولى، وبدأ الحبّ
يدقّ أبوابهما.
المشهد الثالث: عاشقان تحت رقابة القصر
ومن بعد ذلك أخذ الأمير يدعو جينسا كيم إلى قصره كثيرًا لكنه لم يكن يسمح له بالبقاء في نفس الجناح مع سيدات البلاط، وفي إحدى تلك الزيارات تجرّأت وونيونغ وأعطته سرًا زوجًا من دبابيس الشعر الذهبية، ورسالةً على هيئة قصيدةٍ نسجتها من أعماق قلبها تُعبّر فيها عن مشاعرها الصامتة تجاهه.
أراد جينسا كيم أن يردّ عليها في الحال، فكتب رسالةً من قلبه لكن التردّد والقلق تملّكاه إذ لم تكن هناك وسيلة واضحة لتوصيلها إليها، ولحُسن الحظ استطاع أن يُرسل جوابه من خلال شامان كان يدخل ويخرج من القصر دون أن يُثير الشُبهات.
حين وصلت رسالته إلى يدي وونيونغ تأكد كلاهما من صدق مشاعرهما تجاه بعضهما، وراح القلبان يخفقان خفيةً تحت أجنحة الممنوع يلتقيان صدفةً في أروقة القصر، وتفضحهما النظرات حين تعجز الألسنة عن البوح.
المشهد الرابع: قصيدة الشوق المحظور
في أحد الأيام استدعى الأمير سيدات بلاطه، وأمرهُنّ بتأليف القصائد، وحين قرأ قصيدة وونيونغ تساءل مُندهشًا عمّا إذا كانت أبياتُها تنبع من افتقادٍ ما؟ فأخبرها بنبرةٍ باردة أن مثل هذا الشوق لا يليق بسيدةٍ من بلاطه، ولا يجوز لها التعبير عنه، ولحُسن الحظ لم يُعاقبها، بل اكتفى بمنحها بعض الجُمل التحذيرية ثُمّ عفا عنها لكنّ وونيونغ لم تستطع أن تطفئ نار الشوق التي كانت تشتعل في أعماق قلبها تجاه جينسا كيم. أحسّ الأمير بشيءٍ ما، فقد كان يراقب نبضاتهنّ الخفيّة، فأصدر أمرًا بتقسيم سيدات البلاط العشر إلى مجموعتين، وأمر أن يُحتجزن في جناحين مختلفين: القصر الغربي الأعمق، والقصر الجنوبي، وهكذا أصبح لقاء الحبيبين أشبه بالمستحيل يزيده القدر تعقيدًا، ويُثقل كاهلهما بالجُدران والحُرّاس.
كانت الفرصة الوحيدة لهما للقاء هي في أيام مهرجان منتصف الخريف حيث كانت سيدات البلاط يخرجن إلى النهر لغسل ملابسهن وفوطهن الداخلية.
المشهد الخامس: مغامرة الحب الخفية
وبديهيًا استغلت وونيونج تلك الفرصة وتسللت على الفور دون علم الأمير أنبيونغ بمساعدة خادم عشيقها (تيوك) وسيدات البلاط إلى منزل الشامان لتلتقي بعشيقها (قضيا ليلة حميمية)، وهكذا طور الاثنان علاقة رومانسية بينهما، ولكي لا يقطعا تواصلهما ساعد (تيوك) جينسا كيم في عبور سياج القصر ليلتقي بها (كان يُكافح للصعود)، ومنذ ذلك الحين بدأ يذهب إليها دائمًا ليتبادلا الحب سرًا، فأصبح الاثنان زوجًا وزوجة.
المشهد السادس: الخيانة والمأساة
فاقترح عليهما الخادم بخطة للهروب تنص على أنه في كل ليلة عندما يذهب جينسا كيم إلى القصر أن يأخذ معه شيئًا من مجوهرات أو ممتلكات وونيونج الثمينة حتى يحين وقت الهروب الذي سيكون فيه معهما جميع الأشياء الثمينة مقدمًا، والتي قد تساعدهما في المستقبل، وقال: «يمكنك وضع المجوهرات على الحمار عندما تهربان»، فوافق جينسا كيم غير مدرك أن الخادم شرير ينوي السيطرة على الثروة لنفسه.
بعد فترة قام الشرير تيوك بأخذ أحد أسوار وونيونج (أسوارتها) ونشر في القرية إشاعة مفادها أنه أثناء مروره بالطريق رأى شخصًا مشبوهًا يهرب محملاً بالمجوهرات، فركض خلفه، ولم يستطع الإمساك به لكنه عثر خلفه على هذه الأسوارة.
فانتشرت الأقاويل، وغدا الأمر حديث رجال الحاشية إذ أنهم وجدوا هم أيضًا آثار أقدام على الثلج تتجه إلى القصر و تغادره، وسرعان ما بلغ الخبر مسامع الأمير، فساوره الشك، وشرع في استجواب سيدات البلاط، وأمر بتفتيش متاعهنّ ليكتشف من تخلو أشياؤها من أثر الحادثة، فاندفعت السيدات في جدال محتدم معه محتجّات عليه بشدّة رافضات المساس بخصوصيّاتهنّ، ومع ذلك لم يُعاقب أيًّا منهن إذ أنكرت وونيونغ التهمة ولم تعترف بشيء لكنها وقد أثقلها الذنب، وعضّها الندم على ما آلت إليه الأمور لها ولزميلاتها، ولحماية حبها السريّ لم تجد من الخلاص بدًّا، فشنقت نفسها بمنشفة حريرية تاركة وراءها صمتًا ثقيلًا يلفّ أروقة القصر.
المشهد السابع: الحزن والندم
توقفت وونيونج عن سرد القصة، وبدأ جينسا كيم بالحديث عما حدث بعد انتحارها: "عندما وصلني خبر انتحارها أُغمي عليَّ، ووجدت صعوبة في السيطرة على نفسي بسبب حزني عليها، لذلك بعدما عدت إلى رشدي أعطيت الخادم تيوك الأموال بعدما قمت ببيع المجوهرات، وطلبت منه تقديمها كقربان لبوذا لتُهدى روح محبوبتي وونيونج، ولكن تيوك المُخادع لم يُقدّم القربان، وبعد مدة علمت بذلك، فقمتُ بالصلاة لبوذا من أجل أن ترقد روحها بسلام، وطلبتُ من بوذا أن يُعاقب تيوك (أعرب عن استيائه) وأن يتبع روح وونيونج في الآخرة" «الرجاء مساعدتي في حياتي القادمة في تغيير هذه المرارة».
بعد ذلك وقع تيوك في بئرٍ ولفظ أنفاسه هناك أما جينسا كيم فقد أصبح مريضًا بسبب رفضه الأكل والشرب وكثرة بكائه، ولم يُمضِ سوى أربعة أيام بعد وفاة وونيونج حتى توفي هو الآخر.
المشهد الثامن: وداع الحلم
ومع نهاية قصتهما لم يتمكن المحبوبان من قمع حزنهما فاجتاحتهم دموع الحسرات، فسألهما يو يونغ عن سبب هذا الحزن، فردّا معًا: «من المحزن النظر إلى الماضي، فليس هناك أي أثر للناس في قصر سوسونغ الذي فقد صاحبه قد لا يتغير لون الربيع لكن أعمال الناس تتغير، ويتغير معها كل شيء» ثم سأل يو يونغ: «هل تقولان إنكما لن تتمكنا من الولادة من جديد في حياة إنسانية؟» فتعطيه وونيونج كتابًا يحتوي على قصتهما، وتطلب منه أن ينقل حبهما الذي لن يختفي حتى وإن جف البحر وذابت الصخور «من فضلك لا تخبر العالم عبثًا وتصبح هدفًا"لا تهبه لأفواه السفهاء"» ثم يشرب الثلاثة معًا للمرة الأخيرة، وبعد ذلك يستيقظ يو يونغ من النوم مذهولًا من صوت الطيور والفجر الذي حل، وبجواره لا يوجد سوى الكتاب. غادر يو يونغ إلى منزله ومعه الكتاب مبتعدًا عن واقعه متخليًا عن العالم.
من هو الشرير الفعلي ؟
الأمير أنبيونغ هو الشرير
الفعلي ليس شريرًا نمطيًّا، بل هو الشرّ الذي يتستّر خلف
الأقنعة يظهر بمظهر الرجل المهذّب، الحكيم، المُحبّ للفن والأدب لكنّه في
العمق يُجسّد السلطة الذكوريّة الاستعلائيّة المغلّفة بالأناقة والادّعاء
الثقافي. هو لا يصرّح بعنفه، بل يُمارسه بأسلوبٍ خفيّ، يتجسّد في:
١) التملّك: يعتبر نساء القصر أدواتٍ لتزيين عزلته لا بشرًا يمتلكن رغباتهن ومصائرهن.
٢) الازدواجية:
يمتدحهنّ علنًا، و"يُكافئهنّ" لكنه في الواقع يُقنّن وجودهنّ ويُسجنهنّ
في قوالب الفضيلة والطهارة كما يراها هو لا كما يرغبن هنّ.
٣) القمع النفسي: يرفض لهنّ حقّ الحُبّ، بحجّة النقاء في حين أنه يمنح نفسه الحق في الوصاية العاطفية عليهنّ.
إنه
لا يُمارس القمع بصوتٍ عالٍ، بل يُحاكي صوت العقل والحكمة والتهذيب لكنه
يطعن بسكّين صامتة في العمق، وهذا ما يجعل شرّه أكثر خطورة من أي شخصية
صريحة في عدائها إنه "الشرّ الذي يُقال عنه أنه خير"، وذاك هو أقسى أنواع
الظلم.
سقوط الأقنعة: الأمير الطيّب الذي خنق بطلاته
من
زاوية التحليل الرمزي "أنبيونغ" هو السلطة الأبوية، أو كما يُقال في
التحليل النفسي: "الأب الحارس للقيم الذي يمنع الابنة من اكتشاف ذاتها
الأنثوية" لذلك كان عدوًّا لحبّ "أونيونغ" و"جينسا" لأنه يرى في الحب
تهديدًا للسيطرة. موته في الحكاية أو حتى غيابه العاطفي ليس مهمًّا لأن شرّه لا يرتبط بالفعل، بل بالبنية الفكرية التي تُديم
القمع إنه ليس "شخصًا سيئًا" فحسب، بل نظامًا فكريًّا سُجِنَت فيه
الشخصيات وماتت تحته. شرير هذه الملحمة هو ذلك الذي ظنّ نفسه إلهًا في قصرٍ ذهبي ناسيًا أن القلوب لا تُروّض بقصائد، ولا تُحبس في جواري.
** ملاحظة: تتجسّد بنية الرواية أو تتأطّر عبر تسلسلٍ يبدأ بالنوم، فتتناوب بين الواقع والحلم ثم تعود إلى الواقع (واقع،حلم،واقع)، وتتجلّى
مأساة الرواية في كونها وُلدت من أغلال الواقع المعاصر إذ تُظهر المصير
التراجيدي للمُضطهدين والمقموعين، ولهذا تنتهي حياة أغلب الشخصيات بنهاية
مأساوية: فتنتحر "أونيونغ" هربًا من الحياة القمعية التي كبّلت حُبّها وسلبتها حقّها في الاختيار ساعيةً لتحرير نفسها من عبوديةٍ غير مرئية بينما يموت "جينسا كيم" حزنًا عليها في لحظة صمتٍ دامية بلا قدرة على الفعل أو الدفاع عنها أما "تيوك" فيموت كعقابٍ إلهيٍّ على خيانته، وكأن الموت يأتي في النهاية لتوزيع العدالة التي حُرمت منها الشخصيات في حياتها.
ملاحظة توثيقية: ما سبق كتبته بناءً على قراءتي لمُلخص المدونة
الكورية الرسمية الأكثر شهرة (namu wiki)، وما استوعبته من شروحات الباحثين
الكوريين على اليوتيوب حيث صغتُ ما تلقيته بطريقتي الخاصة لأنني لم أستطع العثور على نسخة فعلية من الرواية بلغات أخرى (سواء العربية أو الإنجليزية أو غيرها).
📝 بِقلمي (اللهم نسألك حُرية القرار والتنقُل والسفر والعمل والكسب والوفرة والصحة والفكر✨).