في عالمٍ تتشابك فيه الأسطورةُ بالواقع تتفتّح زهرةُ الأوركيد في خيالٍ يسبق الرؤية، وفي حُلمٍ يأبى التفسير، فهل هي زهرةٌ حقيقيةٌ نادرة، أم مجرّد خيالٍ نسجه الإنسانُ في سعيه نحو الكمال؟ في هذه المقالة سنغوص في سيرةِ زهرةٍ سكنت الأساطير، وحيّرت العلماء بين الحقيقة والوهم.
الخصائص والشكل: تُعدّ زهرة الأوركيد الزرقاء إحدى الأنواع الفريدة من نبتة الأوركيد (السحلبية) الطويلة الأمد حيث تتفرد بلونها الأزرق الساطع الأخّاذ، وتتكوّن عادةً من أزهار كبيرة مُسطّحة يتراوح عددها بين عشرين وثلاثين زهرة، وتنمو في موسم الخريف مما يجعلها زهرة نادرة وجذابة تميزها عن باقي أنواع السحلبية.
أنواع زهرة الأوركيد ذات اللون الأزرق الطبيعي: يوجد في الواقع نوعان من زهور الأوركيد الزرقاء ذات اللون الطبيعي (غير المُزيف وبدون تدخل بشري) لكن بشكل عام تعتبر هذه الأنواع نادرة جدًا ويصعب الحصول عليها على عكس العديد من أنواع الأوركيد الأخرى التي تتوافر بسهولة أكبر.
١) فاندا كوروليا (بلو فاندا):
في عام ١٨٣٧م اكتشف الدكتور ويليام جريفيث (عالم النبات والطبيعة) لأول مرة زهرة أوركيد زرقاء تُسمى "بلو فاندا" في تلال خاسيا بولاية آسام شمال شرق الهند بالقرب من جنوب شرق جبال الهيمالايا، وعلى طول واديي نهر براهمابوترا وباراك، ولسوء الحظ عندما حاول جريفيث نقل الزهرة إلى إنجلترا لزراعتها توفي قبل أن يتمكن من تحقيق ذلك، ومع ذلك توجد الزهرة حاليًا في الصين والهند.
هل من السهل العثور على فاندا كوروليا؟ عمليًا من المستحيل أن تتمكن من الحصول على واحدة من هذه الزهور، وحتى إذا حاولت فسيكون عليك المزايدة بمبالغ تفوق العقل أو حتى أن تسرقها من أولئك الذين يسعون لجمعها (الهواة) بأي ثمن مما يجعل الوصول إليها أمرًا شبه مستحيل.
٢) ثيليميترا كرينيت (أوركيد الملكة أو أوركيد السيدة الزرقاء أو زنبق الأوركيد:
موطنها الأصلي غرب أستراليا ونيوزيلندا وعلى الرغم من أنها شائعة جدًا في المنطقة الصغيرة التي تنمو فيها إلا أنه يكاد يكون من المستحيل العثور عليها أو شراؤها في أي مكان آخر إذ لا تتوفر تجاريًا بكميات كبيرة.
إذن، بما أن زهرة الأوركيد الزرقاء نادرة لماذا يُسهل العثور عليها في محلات بيع الزهور ومتاجر البقالة؟
زهرة الأوركيد الزرقاء التي تُباع في المتاجر تُدعى فالاينوبسيس الزرقاء أو (زهرة أوركيد محبرة بشكل صناعي)، وهذه الزهرة ليست طبيعية إذ يقوم علماء النبات و البستانيون بحقنها بمحاليل صبغية زرقاء غذائية في جذعها، وبالتالي عندما يمتص النبات الماء يمتص معه هذه الصبغة، ومع مرور الوقت يأخذ الماء الذي يرتفع في الساق معه الصبغة إلى الأزهار، لتتحول من اللون الأبيض إلى الأزرق المُزيف خلال حوالي ساعتين إلى ٢٤ ساعة، وبعد فترة عندما تبدأ الزهور في التفتح تظهر بلونها الأصلي الأبيض وليس الأزرق لأن الصبغة قد انتهت وإذا تم حقن الزهرة بالصبغة قبل أن تفتح تمامًا سيكون اللون الأزرق فاتحًا.
من بدأ بفكرة تحبير زهرة أوركيد (فالاينوبسيس الزرقاء)؟ تم تقديم فكرة تحبير زهرة الأوركيد الزرقاء من قبل مُزارع فلوريدي في عام ٢٠١١م ومنذ ذلك الحين تم تداولها وتبنيها بين المزارعين الآخرين، وقد لاقت هذه الفكرة رواجًا واسعًا في أسواق الزهور مما جعل هذه الزهرة تَظهر بشكل شائع في محلات الزهور ومتاجر البيع رغم أنها ليست طبيعية.
