تعتبر الأختام من أهم الرموز التي يعود جذورها إلى أكثر من ألفين عام في الثقافة الصينية كونها تمثل الهوية والمكانة والسلطة أكثر من كونها مجرد زخرفة فريدة تُعلق على الجسم كزينة حيث كان يتم استخدامها من قبل الأمراء والمسؤولين لإظهار قوتهم أو مكانتهم لممارسة السلطة المطلقة، ولكن مع تقدم العصر ضعفت رمزيتها تدريجيًا حتى أصبحت إرثًا صينيًا منسيًا، وفي هذه المقالة سنتعرف على قوة ختم السماء الذي استخدمه المغول لإثارة الرعب في نفوس معارضيهم من الشعوب الأخرى!
سماء المغول: عبادة تينغري ومصير البشر
قديمًا اعتمد الحكماء على السماء للملاحة وحساب الوحدات الزمنية ولتحديد الفصول على الأرض، وبفضل ذلك آمن الشعب المغولي بالسماء التي أظهرت لهم في رحلاتهم الطريق الصحيح، وبدأوا من بعدها بعبادة إله السماء الزرقاء العظيم الخالد (إله الأب الحامي) «تينغري»، معتقدين أنه إله مسؤول عن كل شيء يتعلق بالبشر تحديدًا له وظيفتان تتمثل إحداهما في منح السعادة البشرية، والأخرى تتمثل في جلب الكوارث البشرية، ولا يمكن لأحد تغيير قدره.
الخان وختم السماء: تفويض الحكم من الإله إلى الإنسان
لم يقتصر المغول على عبادة إله السماء تينغري فقط، بل كان يجب في اعتقادهم أن تتحد السماء والأرض معًا ليشكلوا حكومة واحدة، ولذلك كانت حكومة المغول تستند إلى رعاية السماء تحديدًا كانت شرعية الحكومة تأتي من السماء تلقائيًا (تمنح السماء الشخص ختم السماء الملكي إذا أظهرت له القدرة على الحكم)، بعبارة أخرى يُمنح الختم لشخص (الخان) الحق في حكم الإمبراطورية (العالم)، وهكذا لا بد من تنصيبه ليُمثل السماء (خليفة للسماء)، ومن بعده يحكم الخان حياة عامة البشر كما تفعل السماء، فيُحدد مصائر الآخرين اعتمادًا على العلامات السماوية (متمشيًا مع إرادة السماء).
عهد السماء وعرق المغول: وحدة العرش والنسب
وفقًا لتفويض السماء لا توجد أرض تحت السماء لا تنتمي إلى خليفة السماء (الشخص الذي أُعطي الختم)، ولذلك كان من اللازم لكل أسرة حاكمة في تاريخ الصين (أمة المغول العظيمة) أن تثبت ذلك من خلال توحيد العالم بأسره. كان لديهم الحق الإلهي في الحكم، ولتحقيق هذه الغاية كان يتزوج الخان وأولئك في عائلته مباشرة من أولئك في حاشيته و حلفائه ليشكلوا مع عائلاتهم النخبة الحاكمة المتحدة معًا باسم "المغول العرقي" (الزواج من عدة أعراق).
وعيد الخان: مرسوم الرهبة باسم السماء الأبدية
استغل المغول معتقدهم بأن السماء معهم (لجانبهم) في بث الرعب في قلوب معارضيهم عند إرسال المراسيل لهم «يُكتب فيها: بقوة السماء الأبدية إذا وصل هذا المرسوم الصادر عن الخان العالمي للأمة المغولية العظيمة إلى أي شخص من بين الشعوب المسالمة أو المقاتلة، فليصغِ إليه، فليخشى! إذا لم تخضعوا لنا، فإن الله يعلم ما سيحدث لكم».
