هي روايةٌ خياليةٌ كلاسيكية نُشرت عام ١٨٨٦م للمؤلّف الأسكتلندي "روبرت لويس ستيفنسون" تتناول موضوع الشخصية المزدوجة واستكشاف العقل الباطن، وكيف يمكن للخير والشر أن يتشاركا في تشكيل حياتنا اليومية.
تدور أحداث الرواية حول طبيب يُدعى "الدكتور هنري جيكل"، وُلد ثريًا، ونشأ شابًا وسيمًا مُحترمًا يتمتّع بمكانة اجتماعية مرموقة شديد الحرص على كسب احترام أقرانه لكنه في المقابل كان يقمع أعماق دوافعه المظلمة، ويخفي ملذاته الشخصية عن الأنظار، فيدفعه شغفه بالطب، وهوسه بفكرة فصل الخير عن الشر إلى محاولة عزل جانبه الطيب عن الجانب الشرير الكامن في داخله عبر التواصل مع الوحش الساكن في أعماق لاوعيه أملًا في القضاء عليه، ونتيجة لذلك يبتكر تركيبة كيميائية (عقارًا خاصًّا) يشربها رغم خوفه، فينجح في إطلاق نظيره الشرير الذي يُطلق على نفسه اسم "السيد هايد"، وقد سُمِّي بـ"هايد" لأن الوحش في داخله ميّال للاختباء في أعماق النفس البشرية، ومن هنا تبدأ الحرب بين الشخصيتين: "الدكتور جيكل" ضد "السيد هايد". يبدأ هايد بالتمادي في ارتكاب الجرائم، والانغماس في الملذّات، وعلى رأسها الجنس، و كلّ ما كان جيكل يكبته ويخجل من الإفصاح عنه من فسادٍ ورغباتٍ مُخزية، وفي نهاية المطاف يفقد الدكتور جيكل السيطرة، ويُهيمن السيد هايد تمامًا بوصفه الجانب الأقوى في داخله.
حقائق: ١) هذه الرواية تُعتبر من أوائل الأعمال الأدبية التي أظهرت شخصية تعاني من اضطراب الشخصية المعقدة حيث ربطت بين العلم والدين في تناولها، وبسبب ذلك أصبحت شائعة للغاية بفضل التعديلات والتدخلات السينمائية والتلفزيونية أبدع الكتاب والمخرجون في استخدام أفكارهم لإيصال المعنى بطرق مبتكرة.
٢) في يومنا هذا تُستخدم عبارة "جيكل وهايد" لوصف السلوك المتناقض بين الذات الخاصة والعامة تحديدًا لوصف شخص يمتلك جانبًا مظلمًا مخفيًا عادةً عن أعين الآخرين، وغالبًا ما تشير إلى شخص يعاني من شخصيتين متعارضتين أو من اضطراب الهوية الانفصالية (أو اضطراب تعدد الشخصيات).
المغزى من الرواية: الكمال غير موجود، وما يجعلنا بشرًا هو وجود الخير والشر معًا فكليهما وجهان لعملة واحدة، بعبارة أوضح كل شخص منا يحمل جانبي شخصية: جانب شرير وجانب جيد. هذان الكيانان القويان يعيشان داخلك، ومن واجبك كإنسان أن تحقق توازنًا بينهما دون أن تسمح لأي طرف بالتغلب على الآخر لأنه لا يمكن لأحدهما أن يوجد بدون الآخر.
تفسير بعض النقاد للرواية: يُقال إن جيكل لم يصنع الجرعة لفصل الخير عن الشر فقط، بل لأنه كان يائسًا تعذبه رغبات متضاربة. كان يرغب في فعل ما يشاء دون أن يُبالي بالآخرين أو يتحمل عواقب قد تلطخ سمعته الحسنة دون الشعور بالذنب لهذا السبب أطلق الجانب الشرير من نفسه اسم "هايد"، وهو تمويه لغروره المتغير، رداء يرتديه ليخفي تحته شخصية جيكل المحترمة حتى يتمكن من فعل ما يريد بعيدًا عن أعين وآراء الناس، ومن ذلك نستنتج أن الجانب الشرير فينا يُقمع دائمًا من قبل المجتمع، ومن هنا يأتي السؤال الذي يفرض نفسه: هل أنت شخص صالح لأنك تسعى حقًا لأن تكون كذلك أم لأنك تخاف من المجتمع ولا تريد أن تُعاقب؟.
الختام: تذكّروا دائمًا أن نحن لسنا أذهاننا فقط، بل أذهاننا جزء منا، دمتم سالمين.