
وبين عشيّة وضُحاها صار نولبو فقيرًا معدمًا لا يملك لقمةً يُقدّمها لعائلته، وعندما أدرك خطأه توجّه راكعًا إلى منزل أخيه هونغ بو، واعتذر بكل خضوع فاستقبله هونغ بو (الطيب اللطيف) بيدٍ مفتوحة مُعطيًا من ثروته المال والطعام. قال له: «لدي الكثير من الغُرف والطعام لعائلتينا» فجمعتهم المحبة، وعاشت العائلتان معًا في سعادة دائمة لسنوات عديدة، وكانت طيور السنونو تعود إليهم كل ربيع، تحمل معها بشائر الخير والحياة.
* يُقال في إصدارٍ آخرٍ إنَّ هونغ بو استطاع إنقاذ جميع عصافير السنونو، وكانت البذرة واحدةً فقط تفرعت إلى أجزاءٍ وقاموا بقطعها بدون تمني (طار العصفور إلى أرضٍ سحريةٍ، وتحدث مع كائناتٍ غامضةٍ حول كيفية إنقاذ حياة هونغ بو).
الدروس الأخلاقية المستفادة من القصة:
١) الجشع آفة بشعة فعلاً تَعمى الإنسان عن رؤية أذى نفسه ومن حوله، وتحوّله إلى وحشٍ ينهش ما يملكه الناس من خير، فتكون نهايته دوماً خراب وبؤس كما رأينا مع نولبو اللي كان في الأصل شقيقًا، لكنه تحوّل إلى عدو نفسه.
٢) اللطف والتسامح صفات ربانية وأساس للرخاء الحقيقي. هونغ بو رغم المعاناة ظل لطيفًا مع أخيه، وأخيرًا لم يرفضه عندما عاد نادمًا. بهذا اللطف يتخطى الإنسان أعتى المحن لأن الخير قوة لا يفهمها إلا القلوب الرقيقة أما الجشع فغالبًا ما تكون له نهاية مظلمة.
٣) تقدير الأهل ومساعدتهم حتى لو ظلموك.
٤) تكرار النجاحات دون فهم جوهرها قد يقود للفشل: نولبو لم يفهم سر ثروة أخيه، فقام بتقليده بشكل أخرق، وهذا درس مهم لكل من يسعى للنجاح أن يحاول فهم الجوهر لا تقليد الشكل فقط.
٥) يجب عدم إيذاء المخلوقات البريئة مهما كانت صغيرة وضعيفة، فالرحمة تبدأ بهم، و كل فعل له رد فعل كما رأينا مع الثعبان والطيور.
هل كان قول نولبو: «لم يكن عليك أن تُنجب هذا العدد من الأطفال، أليس هذا واضحًا؟» خطأ؟ ليس بالضرورة فهو قول يحمل جزءًا من الحقيقة في سياق واقع اجتماعي صعب. هونغ بو ربما استهتر أو لم يخطط جيدًا لما لديه لكن كما قلت في العالم الحقيقي كثير من الفقراء ينجبون الأطفال لأسباب خارجة عن إرادتهم كعدم توفر وسائل منع الحمل أو الجهل، وهذا واقع لا يمكن تجاهله لذا القول ليس حكماً قاطعاً عليه، بل تأملًا في الظروف القاسية التي يعيشها.
معلومة قيمة عن أصل القصة: الباحث الذي حقق في خلفية قصة هونغ بو ونولبو اكتشف أمرًا مثيرًا: القصة ليست مجرد حكاية خيالية بحتة، بل هي مستلهمة من قصة حقيقية لرجلٍ أصبح ثريًا بعد أن طرد أخاه لكن تم سردها بأسلوب خيالي يمزج الحقيقة بالأسطورة. الأماكن التي جرت فيها الأحداث مثل القرى المذكورة سيونغري، وأيونج ميون، ونامون سي موجودة فعلاً على أرض الواقع، وهذا يجعل القصة أكثر قربًا وواقعية في أذهان الناس لهذا السبب تُقام كل عام في نفس المنطقة مهرجانات تحمل اسم "مهرجان هونغ بو" ليحتفل الناس بهذه القصة ويُحيوا ذكرى تلك الحكمة والتجربة التي تحملها مما يعكس عمق التراث الشعبي وروح المكان نفسه.
📝بِقلمي «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ، وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ، وَآخِرَهُ، وَعَلَانِيَتَهُ، وَسِرَّهُ».