فكرة الاقتراب من الموت خاصةً عندما يدخل الإنسان في حالة الغيبوبة تُعدّ من أكثر المواضيع غرابة وإثارة للاهتمام بالنسبة للبشر، وفي هذه المقالة سنتناول أوجه التشابه بين أقوال من عانوا من تلك الحالة ساعين لمحاولة فهم ما مروا به.
ما هي تجربة الاقتراب من الموت؟ هي حالة نفسية وفسيولوجية تحدث لبعض الأشخاص في اللحظات التي تهدد حياتهم مثل تعرضهم لحالة طبية طارئة كالسكتة القلبية أو الاختناق أو الصدمات القوية أو الغيبوبة.
من الذي قام بدراسة واكتشاف "تجربة الاقتراب من الموت" لأول مرة؟ من هو أول من استخدم مصطلح "تجربة الاقتراب من الموت؟ أول من أشار إلى هذه الظاهرة بشكل علمي هو رايموند مودي في كتابه "الحياة بعد الحياة" عام ١٩٧٥م حيث جمع فيه قصصًا عن الأشخاص الذين مروا بتجارب مشابهة قريبة من الموت، ومن ثم أصبح مصطلح "تجربة الاقتراب من الموت" شائعًا خصوصًا بعد الأبحاث التي قام بها الطبيب الأمريكي إيبين ألكسندر في السبعينيات الذي أضاف بعدًا جديدًا لهذه الظاهرة من خلال تجربته الشخصية وأبحاثه في هذا المجال.
ما هي أقوال الأشخاص الذين مرّوا بتجربة الاقتراب من الموت؟ يروي الأشخاص الذين مروا بتجربة الاقتراب من الموت عددًا من المشاهد والسمات المشتركة منها:
١) رؤية نفق مظلم أو فراغ: يشعر البعض أنهم يسيرون عبر نفق طويل مظلم نحو ضوء ساطع في نهايته.
٢) الالتقاء بأحبائهم: يذكر العديد من الأفراد أنهم التقوا بأفراد من عائلاتهم أو أصدقائهم سواء كانوا من الأحياء أو الأموات.
٣) خروج الروح من الجسد: يصف بعض الأشخاص شعورهم بالخروج من أجسادهم، ورؤية أجسادهم المحتضرة أو الطفو بهدوء فوقها، بل وحتى مراقبة ما يحدث من حولهم أو التحليق في الفضاء.
٤) التواصل مع كائنات روحية أو دخول "عالم آخر": يروي البعض أنهم تواصلوا مع كائنات روحية كالملائكة أو دخلوا إلى "عالم آخر" خارج حدود الأرض حيث تفاعلوا مع كائنات حية غير مألوفة.
٥) مرور شريط الحياة: يصف كثير من الأشخاص مرور ذكريات حياتهم أمام أعينهم بسرعة بدءًا من الطفولة وصولًا إلى لحظات حياتهم الأخيرة سواء كانت تلك الذكريات إيجابية أو سلبية.
٦) العيش في واقع آخر مستوحًى من الحياة: يشعر بعض الأشخاص أنهم انتقلوا إلى واقع جديد يتشكل من أفكارهم وأحلامهم ورغباتهم غير المُحققة، ويخلقون عالمًا خاصًا بهم حيث يمكنهم التحرر من مخاوفهم أو مواجهة مشاعر وتجارب تجاهلوها أو نسوها.
٧) عودة مفاجئة للوعي: يذكر البعض أنهم استفاقوا فجأة كما لو أنهم عادوا من حلم عميق دون أن يتذكروا كثيرًا عن تجربتهم تمامًا كما لو أنهم استيقظوا من النوم بعد فترة من الغياب دون شعور بالزمن أو الفهم الكامل لما مروا به.
ماذا يقول العلماء والأطباء عن تجارب الاقتراب من الموت؟ فسّر العديد من الباحثين تجربة الاقتراب من الموت على أنها نتيجة لتغيرات فسيولوجية تحدث في الدماغ خلال اللحظات الحرجة التي تسبق الموت أو أثناء الأزمات الصحية الحادة، ومن أبرز التفسيرات العلمية ما يلي:
١) انخفاض مستوى الأوكسجين في الدماغ مما قد يؤدي إلى حدوث هلوسات بصرية وتجارب غريبة.
٢) إفراز الدماغ مواد كيميائية مثل الإندورفين والدوبامين أثناء الشعور بالخطر مما يخلق شعورًا بالراحة ويسبب حالات من النشوة أو هلوسات سعيدة إضافةً إلى الرؤى الشبيهة بالأحلام.
هل يجب على الأشخاص الذين استفاقوا من تجربة الاقتراب من الموت ومروا بحالة ذهانية أن يتلقوا العلاج؟ غالبًا الأشخاص الذين استفاقوا من تجربة الاقتراب من الموت ومروا بحالة ذهانية قد يحتاجون إلى العلاج النفسي والدعم العاطفي خاصة إذا كانت الأعراض الذهانية تؤثر على حياتهم اليومية أو تؤدي إلى قلق شديد أو صعوبة في التكيف مع الواقع لأنها قد تكون مرهقة نفسيًا خاصة إذا صاحبها مشاعر مرتبطة بالذنب أو الارتباك بشأن ما عاشوه أثناء تجربتهم.
هل ما نراه عند حافة الموت "واقعٌ أعلى" أم "خيالٌ خادع"؟ العلم لا يملك الإجابة القاطعة، والروح تبتسم في صمت.
✅ بِقلمي (اللّهم اشفِ مرضانا ومرضى المسلمين وارحم موتانا وموتى المسلمين، نسألك يا أرحم الراحمين أن تَبسُط رحمتك الواسعة لكل مريض يعاني مِن شدّة المرض وأن تزيل عنهم كل همّ وحزن، ونسألك اللّهم أن تجعل نعمتك تشمل من رحل عن دُنيانا بالرحمة والمغفرة).